منتدى متوسطة بن طبيبل الربعي

مرحبا بك عضونا العزيز

إذا كنت أحد الدارسين في متوسطة بن طبيبل الربعي أو أي متوسطة أخرى أو أيا كنت فنحن ندعوك للتسجيل في منتدانا المتواضع

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى متوسطة بن طبيبل الربعي

مرحبا بك عضونا العزيز

إذا كنت أحد الدارسين في متوسطة بن طبيبل الربعي أو أي متوسطة أخرى أو أيا كنت فنحن ندعوك للتسجيل في منتدانا المتواضع

منتدى متوسطة بن طبيبل الربعي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

للإفادة و الإستفادة


3 مشترك

    موضوع شامل عن الإسلام

    Meriem.M
    Meriem.M


    موضوع شامل عن الإسلام  283436858



    الابراج : السمك عدد المساهمات : 832
    نقاط : 81657
    تاريخ التسجيل : 08/09/2010
    العمر : 29
    الموقع : الجزائر

    موضوع شامل عن الإسلام  Empty موضوع شامل عن الإسلام

    مُساهمة من طرف Meriem.M الجمعة أكتوبر 29, 2010 3:02 pm

    إسلام

    الإسلام هو أحد الأديان الإبراهيمية أو الأديان السماوية، وهو ثاني الديانات في العالم من حيث عدد المعتنقين بعد المسيحية. والمعنى العام لكلمة الإسلام هو الاستسلام لله،[2] أي تسليم كامل من الإنسان لله في كل شؤون الحياة.[3][4]
    يؤمن المسلمون أن الإسلام هو آخر الرسالات السماوية، وأنه ناسخ لما قبله من الديانات؛ كما يؤمن المسلمون بأن محمداً رسول من عند الله، وخاتم الأنبياء والمرسلين؛ وأن الله أرسله إلى الثقلين كافة، أي الجن والإنس. ومن أسس العقيدة الإسلامية الإيمان بوجود إله واحد لا شريك له هو الله،[5] وكذلك الإيمان بجميع الأنبياء والرسل الذين أرسلوا إلى البشرية قبل محمد، كالنبي إبراهيم ويوسف وموسى والمسيح عيسى بن مريم وغيرهم كثير ممن ذكر في القرآن أو لم يُذكر، وأنهم جميعًا كما المسلمين، اتبعوا الحنيفية، ملة النبي إبراهيم، والإيمان بكتبهم ورسائلهم التي بعثهم الله كي ينشروها للناس، كالزبور والتوراة والإنجيل، بيد أن النسخ الحالية منها وفق المعتقد الإسلامي قد طالها التحريف وليست بالنسخ السماوية الأصلية، ذلك أن تلك الأخيرة ضاعت مع مرور الزمن لأسباب مختلفة، منها التأخر في تدوينها ووفاة حفظتها.[6] كذلك يؤمن المسلمون بالملائكة وباليوم الآخر، وأن القرآن هو الكتاب المنزل من عند الله على محمد عن طريق المَلَك جبريل. والقرآن هو مصدر التشريع الإسلامي الأول وتعتبر سنّة النبي محمد المصدر الثاني لتشريع الإسلام. وللإسلام شريعة تطال جميع جوانب حياة الإنسان والمجتمع وتهدف إلى تنظيمها وتنسيقها وفق تعاليم هذا الدين،[7] وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية: الأحكام العقائدية، الأحكام التهذيبية، والأحكام العملية.[8]
    ينتمي معظم المسلمين اليوم إلى الطائفتين السنيّة والشيعية، وهناك أقليات تتبع طوائف أخرى.[9][10] تعتبر إندونيسيا أكبر البلاد الإسلامية حاليًا، ويقطنها حوالي 13% من مسلمي العالم،[11] أما الباقون فيتوزعون على الشكل التالي: 25% في آسيا الجنوبية،[11] 20% في الشرق الأوسط،[12] 2% في آسيا الوسطى، 4% في باقي بلدان آسيا الجنوبية، و 15% في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.[10] وهناك مجتعات إسلامية ضخمة في عدد من الدول مثل الصين وروسيا ودول البحر الكاريبي، إلا أنها تعتبر من الأقليات في تلك الأنحاء نظرًا لارتفاع عدد سكان بلادها بصورة إجمالية. يصل عدد المسلمين اليوم إلى حوالي 1.57 مليار نسمة، وبهذا فإنهم يشكلون قرابة 23% من سكان العالم.[10] ينتشر عدد كبير من المسلمين في الدول الصناعية وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ودول أوروبا الغربية بفعل الهجرة بحثًا عن مورد رزق، وقد أدى ازدياد عدد المسلمين في تلك الدول أن يقوم البعض من أبنائها بالتعرّف والتقرب من هذا الدين ومن ثم الدخول فيه، مما يجعل عددًا من الخبراء يزعم أن الإسلام هو أسرع الديانات انتشارًا في العالم حاليًا.

    الإسلام لغة واصطلاحًا

    كلمة الإسلام يُبحث عنها في المعجم في "سلم"، وهي مصدر لفعل رباعي هو "أسلم". ويُعرَّف الإسلام لُغويًا بأنه الاستسلام، والمقصود الاستسلام لأمر الله ونهيه بلا اعتراض، وقيل هو الإذعان والانقياد وترك التمرّد والإباء والعناد.[18]
    أما معناه الاصطلاحي، فهو الدين الذي جاء به "محمد بن عبد الله"، والذي يؤمن المسلمون بأنه الشريعة التي ختم الله بها الرسالات السماوية. وفي حديث عن "أبي هريرة" أن محمد عرّف الإسلام: «بأن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان وتحج بالبيت»

    أفكار وعقائد

    بحسب القرآن، يؤمن المسلمون بالله وملائكته وكتبه ورسله وبيوم القيامة. ويضيف إلى ذلك المسلمين السنّة القضاء والقدر،[20] إعمالاً بحديث مروي في كتب الحديث عن محمد عندما قال أن الإيمان هو: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"،[21] وتطلق الشيعة الإمامية على الركن الأخير تسمية العدل، وتضيف كذلك الإمامة كأصل من أصول الدين.[22]
    يؤمن المسلمون بأن الله هو الإله الواحد الذي خلق الكون بكل ما فيه، وأوحى القرآن لمحمد عن طريق جبريل، ويؤمنون بأنه الرسالة الخاتمة للرسالات التي بعث بها الأنبياء الذين سبقوه.[23] والأنبياء هم رجال اختارهم الله ليكونوا رسله. ويعتقد المسلمون أن الأنبياء هم بشر وليسوا آلهة، وإن كان بعضهم منحه الله القدرة على صنع المعجزات لإثبات نبوتهم. الأنبياء في المعتقد الإسلامي يعتبروا الأقرب إلى الكمال من البشر، وهم من يتلقى الوحي الإلهي، إما مباشرة من الله، أو عن طريق الملائكة. يذكر القرآن أسماء العديد من الأنبياء، بما في ذلك آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم.[24] وبحسب القرآن فإن كافة الأنبياء كانوا مسلمين يدعون إلى الإسلام ولكن بشرائع مختلفة.[25][26] يُعرّف الإسلام في القرآن بأنه {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}،[27] كما يؤمن المسلمون بأن الحنيفية هي أساس دين إبراهيم. ويرون أن الاختلاف بين الأديان الإبراهيمية في الشريعة فقط وليس في العقيدة وأن شريعة الإسلام ناسخة لما قبلها من الشرائع. أي أن الدين الإسلامي يتكون من العقيدة والشريعة. فأما العقيدة فهي مجموعة المبادئ التي على المسلم أن يؤمن بها وهي ثابتة لا تختلف باختلاف الأنبياء. أما الشريعة فهي اسم للأحكام العملية التي تختلف باختلاف الرسل.[28][29]

    الله

    يعد أساس الإسلام هو الإيمان بإله واحد هو الله. وهو خالد، حي لا يموت، ولا يغفل، عادل لا يظلم، لا شريك له ولا ند، ولا والد ولا ولد، رحمن رحيم، يغفر الذنوب ويقبل التوبة ولا يفرق بين البشر إلا بأعمالهم الصالحة. وهو خالق الكون ومطلع على كل شيء فيه ومتحكم به. وفي المعتقد الإسلامي؛ الله ليس كمثله شيء،[30] أي أنه مغاير تمامًا لكل مخلوقاته وبعيد عن تخيلات البشر، لهذا فلا يوجد له صورة أو مجسم، إنما يؤمن المسلمون بوجوده ويعبدونه دون أن يروه. كما أن الله في الإسلام واحد أحد، لهذا يرفض المسلمون عقيدة الثالوث المسيحي بوجود الله في ثلاثة أقانيم، فضلاً عن رفض ألوهية المسيح الذي هو بشر رسول في العقيدة الإسلامية،[31] ومن أهم السور التي يستدل المسلمين بها على ذلك، سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ۝ اللَّهُ الصَّمَدُ ۝ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ۝ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.[32]
    يقول بعض الباحثين أن كلمة "الله" العربية المستخدمة إسلاميًا للدلالة على ذات الرب، إنما هي مكونة من قسمين: "الـ" و"إله"، بينما يقول أخرون أن جذورها آرامية ترجع لكلمة "آلوها".[33] ولله في الإسلام عدة أسماء وردت في القرآن، وهناك تسعة وتسعين إسمًا اشتهرت عند المسلمين السنة باسم "أسماء الله الحسنى"، وهي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد لله وردت في القرآن أو على لسان أحد من الرسل وفق المعتقد السني،[34] ومنها: الملك، القدّوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبّار، القابض، الباسط، الوكيل، الأول، الرؤوف، ذو الجلال والإكرام، وغيرها. والحقيقة أن هناك خلاف حول عدد الأسماء الحسنى بين علماء السنة، وخلاف حول الأسماء الحسنى ذاتها. إلا أن البعض رجح أن عددها تسعة وتسعين وفقًا لحديث أورده البخاري عن الرسول محمد أنه قال: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة"

    الملائكة

    يعد الإيمان بالملائكة أحد أساسيات الإسلام. وفقًا للقرآن، فإن الملائكة لا تملك الإرادة الحرة، إنما خلقوا لطاعة الله وتسبيحه وتنفيذ أوامره، فهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون، بل عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.[37] تشمل مهام الملائكة توصيل الوحي، حمل عرش الله، تمجيد الله، تدوين أعمال الشخص من سيئات وحسنات وقبض روحه حين وفاته وغيرها. ويؤمن المسلمون أن الله خلق الملائكة من نور كما خلق الجان من نار، وخلق آدم من طين، وأنها ذات أجنحة يطيرون بها ليبلغوا ما أمروا به سريعًا، وأجنحة الملائكة {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} ومنهم من له أكثر من ذلك، ففي الحديث أن النبي محمد رأى جبريل ليلة الإسراء وله ستمائة جناح.[38] كذلك يؤمن المسلمون أن الكائنات جميعًا تراها الملائكة إلا الإنسان، لقول النبي محمد: "إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا".[37] ومن الملائكة المذكورة في القرآن بأسمائها: جبريل وميكائيل،[39] وذلك في سورة البقرة: {مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ}، وهاروت وماروت[39] في نفس السورة: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْـزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ...}، وملك الموت، الذي لم يذكر له اسم آخر في القرآن،[39] في سورة السجدة: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}. ومن الملائكة الأخرى المذكورة بدون إسم في القرآن: إسرافيل، رضوان، الزبانية، حملة العرش، الحفظة، والكرام الكاتبون.[39][معلومة 1] ولا يرمز المسلمون إلى الملائكة بأسمائها فقط احترامًا لها، بل يعظموها ويسلمون عليها، فيقولون على سبيل المثال: "سيدنا جبريل عليه السلام" أو "جبريل عليه السلام"

    الكتب المقدسة

    يعتبر المسلمون أن القرآن كلام الله الحرفي.[40] وأن آياته أنزلت، بلسان عربيّ مبين،[41] على محمد من الله عن طريق الملاك جبريل في مناسبات عديدة منذ بعثته حوالي عام 610م حتى وفاته في 8 يونيو سنة 632م.[23] وقد تم تدوين القرآن بواسطة بعض صحابة محمد في حياته، إلا أنه لم يتم جمعه في كتاب واحد في ذلك الحين. وقد جُمع القرآن في كتاب واحد لأول مرة في زمن أبي بكر الصديق، الخليفة الأول، ثم تم نسخه في عدة نسخ وتوزيعها علي مختلف الأمصار المسلمة في عهد عثمان بن عفان، الخليفة الثالث. ويؤمن المسلمون بأن القرآن لم يتغير وبأن الله قد تكفل بحفظه. ويجمع المسلمون بمختلف طوائفهم على نسخة واحدة منه حتى الآن.[42][43]
    ينقسم القرآن إلى 114 سورة، ويحتوي على 6236 آية. ويوجد بالقرآن آيات مكية وأخرى مدنية. فأما المكية فهي التي نزلت قبل الهجرة، وكانت تركز أساسًا على بناء العقيدة والإيمان وكذلك المواضيع الأخلاقية والروحية. أما الآيات المدنية اللاحقة فنزلت بعد الهجرة وتهتم بالتشريع والأحكام وبمناقشة القضايا الاجتماعية والأخلاقية اللازمة لبناء المجتمع المسلم خصوصًا والبشري عمومًا.[44] والقرآن أكثر انشغالاً بالتوجيه المعنوي من التعليمات القانونية، ويعتبر الكتاب المرجعي "للمبادئ والقيم الإسلامية".[45] ويعتبر معظم المسلمين أن القرآن إلى جانب السنة النبوية هما المصدران الأساسيان للتشريع الإسلامي. كلمة القرآن مشتقة من "القراءة"، وتعتبر قراءة القرآن أحد أهم العبادات في الإسلام، ويُقرأ القرآن باللغة العربية ولا يجوز تلاوته بلغة أخرى. وعلى الرغم من وجود نسخ مترجمة من القرآن بمختلف لغات العالم، إلا أنها لا تتعدى مجرد كونها تفاسير لمعاني القرآن باللغات الأخرى، حيث تستمد قدسية القرآن من حرفيته، وهو ما لا يتاح في الترجمة بسبب الاختلافات اللغوية وأخطاء المترجمين.[46]
    وكما يؤمن المسلمون بالقرآن فإنهم كذلك يؤمنون بأن الكتب السابقة على نزول القرآن نزلت من عند الله على بعض الأنبياء، كالتوراة التي نزلت على موسى، والزبور المنزل على داود، وصحف إبراهيم، والإنجيل المنزل على المسيح عيسى بن مريم، ويعتقدون أن القرآن ناسخ وملغي لما فيها من شرائع، كما يعتقدون أن النسخ الحالية لهذه الكتب طرأ عليها التحريف،[6] والإيمان بهذه الكتب شرط في الإيمان عند المسلمين ومن جحد شيئًا منها يعد كافرًا. ومن الآيات التي يستدل بها المسلمون على ذلك، الأيات التي وردت في سورة المائدة: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ۝ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ۝ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ۝ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ۝ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّه مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}

    الرسل والأنبياء

    يُعرّف الانبياء في الإسلام بأنهم أشخاص اصطفاهم الله ليكونوا رسله للناس. وهم مجرد بشر لكن الله يعطيهم القدرة على عمل المعجزات لإثبات نبوتهم، فمعجزة النبي سليمان على سبيل المثال كانت التحدث بلغة الطيور ورؤية الجان، ومعجزة المسيح كانت إبراء المرضى وإقامة الموتى وكلامه وهو ما زال رضيعًا، أما معجزة محمد فهو القرآن بحد ذاته. ويعتقد المسلمون بأن كل الأنبياء كانوا يدعون إلى دين الإسلام ولكن برسالات مختلفة، أي أنهم دعوا إلى ذات المبادئ التي يدعوا إليها الإسلام ولكن وفق ما دعت إليه ظروف عصرهم وأحوال شعبهم، وكانت آخر هذه الرسالات رسالة محمد بن عبد الله الذي يعتبرها المسلمون الرسالة الخاتمة وأنه لا أنبياء بعده. ومحمد هو نبي الإسلام، ولا ينظر إليه المسلمون باعتباره مؤسسًا لدين جديد، ولكن مرمم ومجدد للإسلام الأصلي، وعقيدة التوحيد التي أنزلها الله على الأنبياء من قبل كآدم وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم.[48] يُنظر إلى محمد في التقاليد الإسلامية، على أنه آخر وأعظم الأنبياء.[49]
    على مدى السنوات الثلاث والعشرين الأخيرة من حياته، أي ابتداء من سن الأربعين، تلقي محمد الوحي من الله عن طريق الملك جبريل، وهو القرآن، وتم حفظه وتسجيله من قبل أتباعه.[50] وكما يؤمن المسلمون بمحمد فإنهم يؤمنون بآدم ونوح وإبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى المسيح وغيرهم كأنبياء من عند الله. والرسل في الإسلام يمثلون الكمال الإنساني في أرقى صوره وهم أطهر البشر قلوبًا وأزكاهم أخلاقًا وأقواهم قريحة وعقلاً، ويعتقد المسلمون أن الله اصطفى آل إبراهيم وآل عمران وبعث من ذريتهم جميع الرسل وصولاً إلى محمد ليدعوا الناس إلى عبادته ولا يشركوا به شيئًا.[51]
    ورد في القرآن ذكر لخمسة وعشرين نبيًا،[52] بعضهم ذُكر في الإنجيل والتوراة بنفس الاسم، كالنبي إبراهيم وإسحق ويعقوب ويوسف وآدم، والبعض ذُكر تحت أسماء أخرى مثل النبي يحيى، الذي يُدعى "يوحنا المعمدان" في الكتاب المقدس، وبعضهم ذُكر في تلك الكتب ولم يُذكر في القرآن وإنما ذُكر في الحديث النبوي، مثل النبي دانيال.[53][54] ويُعظم المسلمون الأنبياء ويسلمون عليهم ولا يدعوهم بأسمائهم المجردة احترامًا وتقديرًا لهم، فيقولون على سبيل المثال: "سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام"، "سيدنا عيسى المسيح عليه السلام"، "أبانا آدم عليه السلام"، اعتقادًا أن آدم هو أبو البشر كما ورد أيضًا في الكتاب المقدس. يرفض المسلمين السنة تصوير الأنبياء والرسل في أي شكل، سواء في رسم أو تمثال أو تقمص أحد الناس لشخصيتهم في عمل تمثيلي، في حين يبيح الشيعة رسم الأنبياء، وتوجد عدة رسوم فارسية لمحمد والأئمة والملائكة. وقد وردت بعض الأحاديث التي تفيد بهيئة بعض الأنبياء.[معلومة 2]
    [عدل]يوم القيامة
    مقال تفصيلي :يوم القيامة
    يوم القيامة، أو يوم الدين، أو اليوم الآخر، أو غيرها من الأسماء التي وردت في القرآن، هو يوم الحساب في العقيدة الإسلامية. وفيه نهاية العالم والحياة الدنيا ويجمع الله جميع الناس لمحاسبتهم على أعمالهم ومن ثم يكون مثواهم الجنة أو النار.[55] حيث يدخل الجنة -وهي النعيم في العقيدة الإسلامية- من كانت أعماله صالحة، ويعذب في جهنم -وهي الجحيم في الإسلام- من كانت أعماله سيئة في الحياة الدنيا. ويتناول القرآن والأحاديث وصف أحداث يوم القيامة وأهوالها، وعلامات اقترابها. كما يصف النعيم في الجنة والمتع التي يتمتع بها المرء هناك، كذلك يصف عذاب جهنم ومعاناة المذنبين فيها. يذكر في القرآن أن الله وحده يعلم موعد قيام الساعة، ولا يعلمها أحد من خلقه، وأن الساعة تأتي بغتة دون توقع من أحد. ويؤمن المسلمون السنة أن هناك علامات ليوم القيامة تنقسم إلى 3 أجزاء: العلامات الصغرى والعلامات الكبرى.[56] ويذكر القرآن أهوال يوم القيامة، منها ما جاء في سورة التكوير: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}.

    القضاء والقدر

    يؤمن المسلمون السنة أن كل شيء مقدر سلفًا من قبل خلق البشر وذلك لأن الله وحده يعلم ما سيكون، وفقًا لما جاء في الكتاب والسنّة وما استدل به علماء الدين الإسلامي. وعلى الرغم من أن الأحداث مقدرة سلفًا، إلا أن الإنسان يملك إرادة حرة في أن لديه الاختيار بين الصواب والخطأ، وبالتالي فهو مسؤول عن تصرفاته لأنه لم يطلع على ما قد قُدِّر، وكل تلك الأقدار قد تم كتابتها عند الله في اللوح المحفوظ قبل خلق الخلق أو خلق آدم.[58] ولهذا فإن السُنة يحصرون دور الإرادة الحرة الفردية في سياق علم الله، والمعرفة المسبقة لجميع الأشياء.[59] في المقابل فإن فهم الشيعة للقضاء والقدر أو كما يسمى العدل يتمحور حول مسئولية الإنسان عن أفعاله، لكنه في نفس الوقت مسير في بعض الأمور التي تفرض عليه مثل النوع ومكان الميلاد وغير ذلك

    أركان الإسلام

    تُعد أركان الإسلام الخمسة أهم العبادات في الإسلام عند الطائفة السنيّة والتي يشترك معهم فيها المسلمين الشيعة،[61] وإن كانت عند السنّة تعد أساسيات دخول الإسلام؛ فقد استمد علماء الدين السنّة أركان الإسلام من روايات عن النبي منها:
    روي عن البخاري ومسلم في صحيحيهما :
    عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله يقول: "بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت".[62]
    فأركان الإسلام كما بينها الحديث هي:


    الشهادتان على أحد أسوار مسجد شيان الكبير بجمهورية الصين الشعبية.
    1. شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله: وتعد هذه الشهادة هي أساس دخول الإسلام عند المسلمين السنّة. ويضيف إليها المسلمين الشيعة "الشهادة الثالثة"، وهي شهادة أن علي بن أبي طالب ولي الله.[63][64]


    مسلمون يصلون في المسجد الأموي بدمشق، سوريا.
    2. الصلاة: وهي أحد أهم العبادات اليومية التي يقوم بها المسلمون. تجب الصلاة على المسلمين خمس مرات يوميًا، ويتجه المسلمون في صلاتهم نحو الكعبة بمكة. وغير الصلاة الواجبة هناك صلوات أخرى مثل صلاة العيد وصلاة الميت وصلاة قضاء الحاجة وغيرها.[معلومة 3][65] في العديد من البلدان الإسلامية، يُنادى بالآذان من المساجد عند وقت الصلاة لتذكير المسلمين بها. تتلى الصلوات باللغة العربية، ويقوم المسلم بآداء حركات مثل الركوع والسجود وغيرها من الحركات وتلاوة الآيات القرآنية والأدعية. وبحال فات على المسلم أداء إحدى الصلوات في وقتها فعليه أدائها متى ذكرها.[66]
    3. الزكاة: وهي جزء من المال يدفعه الأغنياء من المسلمين من أموالهم للفقراء والأيتام والمحتاجين وأوجه أخرى. وهي واجبة على كافة المسلمين القادرين، وتختلف عن الصدقات التي يدفعها المسلمون تطوعًا.[67]
    4. صوم رمضان: يمتنع المسلمون في شهر رمضان عن الطعام والشراب والجماع من الفجر إلى غروب الشمس، كما أن عليهم تجنب الخطايا الأخرى، وزيادة الطاعات في هذا الشهر. الصوم غير واجب على المسافر أو المرضى الذين يشق عليهم الصوم لكن عليهم قضاء ما عليهم بصيام أيام أخرى حين تتاح لهم الفرصة قبل قدوم رمضان في العام الذي يليه، أو بإطعام المساكين لمن لم يتيسر له الصوم مثل كبار السن الذين يشق عليهم الصوم لكبر سنهم؛ ولا يعد الصوم عند المسلمين أمر تكليفي من أجل إرهاقهم ولكن هدفه روحي وصحي وفق المعتقد الإسلامي، فهو يحافظ على الصحة ويُساهم في الشعور مع الفقراء بجوعهم وحاجتهم، ويزيد من تقوى الله ورفع المعاني الإيمانية والروحية.[68]
    5. الحج: وهو الحج إلى الكعبة بيت الله الحرام في مدينة مكة في شهر ذي الحجة. وهي واجبة على كل مسلم قادر على آداء مناسك الحج على الأقل مرة واحدة في حياته. يجب على المسلم ألا يرتدي ملابس مخيطة أثناء آداء الحج، ويستثنى من ذلك النساء. ثم يقوم الحاج بالإحرام، وهو إعلان نيته عن آداء مناسك الحج، ثم يقوم بالطواف حول الكعبة سبعة مرات، ويقوم بالسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ثم الوقوف بعرفة ويعد هذا أهم شروط الحج التي تميز شعائر الحج عن مناسك العمرة

    الجهاد

    يعتبر الجهاد في سبيل الله أحد الفروض الإسلامية ويُسميه البعض الركن السادس للإسلام،[70] ويُقسم الجهاد إلى نوعين: الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس، والجهاد الأصغر وهو القتال في سبيل الله.[71]
    بالنسبة للجهاد العسكري، يُعرفه البعض بأنه يهدف فقط لحماية الأمة الإسلامية والتصدي للعدوان الخارجي عليها، أو لمحاربة المرتدين أو المتمردين أو الدول التي تضطهد المسلمين، أو التي تعرقل الدعوة الإسلامية[72][73] بينما يرى البعض أن الهدف من الجهاد هو الغزو وتوسعة الأراضي الخاضعة لحكم الدولة الإسلامية. معظم المسلمين اليوم يفسرون الجهاد على أنه وسيلة للدفاع عن المسلمين والمقدسات الإسلامية، إضافة لفرض الشريعة الإسلامية وتطبيقها.[74]
    والقتال في سبيل الله فرض كفاية على المسلمين، أي أنه يكفي قيام البعض به ليسقط عن البقية؛ ولكنه فرض عين على الحاكم وأصحاب السلطة.[73] بالنسبة للشيعة لا يكون الجهاد إلا بأمر من الله للإمام المنحدر من سلالة النبي محمد بن عبد الله، وبالنسبة للشيعة الإثنا عشرية -أكبر طوائف الشيعة- فهو الإمام محمد المهدي الغائب بحسب اعتقادهم منذ عام

    الآداب والطعام

    تندرج بعض العادات والممارسات في فئة "الآداب الإسلامية"، مثل رد التحية، والتحية الإسلامية التقليدية هي التلفظ بعبارة "السلام عليكم"، والرد المقابل لها هو "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته"، والتسمية قبل تناول الطعام أو الشراب وذلك بقول "بسم الله الرحمن الرحيم"، والأكل باليد اليمنى، وحمد الله عند الانتهاء بقول "الحمد لله".[77] إضافة إلى ذلك يحث الإسلام على الاعتناء بالنظافة الشخصية، وختان الذكور -والإناث في بعض الآراء-، والتطهر بالماء أو التراب الطاهر بحال مس ما يُعد من النجاسة، مثل البول والغائط والدم، بالإضافة إلى تجهيز وغسل وتكفين جثة المتوفي ومراسم دفنه والصلاة عليه. أيضًا هناك أدعية الأحوال مثل دعاء الخروج من المنزل، ودعاء دخول المسجد، ودعاء دخول بيت الخلاء، وغير ذلك. ولا ينبغي للمسلمين النظر إلى عورات الآخرين ويجب أن يغضوا أبصارهم عنها.


    شعار شركة لحوم إسلامية هندية.
    أما بالنسبة للطعام، فهناك أطعمة يعتبرها المسلمين محرمة ولا يقدمون على تناولها، مثل لحم الخنزير الدم والجيف والكحول، والحيوانات اللاحمة وما لم يُذكر اسم الله عليه عند ذبحه، ومن الآيات التي يستدل المسلمون عليها بذلك ما ورد في سورة المائدة: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ..}. أما الميتة فهي الحيوان الذي نفق دون ذبح شرعي، ويأخذ حكم الميتة الحيوان المذبوح من قبل شخص من غير أهل الكتاب كالمجوسي أو البوذي، والدم المسفوح السائل محرّم سواء كان دم ذبيحة من الحيوانات المحلل أكلها أو غيرها وسواء كان مائعًا أو جمد بعد خروجه، أما الدم غير السائل كالكبد والطحال فحلال أكله في الإسلام، ولحم الخنزير محرّم كذلك الأمر سواء كان خنزيرًا بريًا أم مستأنسًا، وذلك لاعتبار الخنزير من الحيوانات النجسة في الإسلام وأن طهي لحمه على النار لا يزيل النجاسة. وما أهلّ لغير الله به هو ما ذبح لعبادة غير الله كتعظيم الأصنام، والمنخنقة هي البهيمة التي نفقت جرّاء الخنق، والموقوذة هي التي ضربت بالعصا أو بشيء ثقيل حتى ماتت من قوّة الألم، والمتردّية هي التي وقعت وتردّت من علو كأنْ وقعت من أعلى الجبل فماتت، والنطيحة هي التي ماتت بالانتطاح مع بهيمة أخرى، وما أكل السبع يُقصد به ما اقتات عليه الحيوان اللاحم أو انتزع منه قطعة فمات، أما إذا أخذ منها السّبع شيئا من جسدها ولم يقتلها ثم ذُبحت فأكلها حلال عدا القسم الذي انتزع منها. وينبغي أن يكون ذابحي الحيوانات من المسلمين أو أهل الكتاب لكي يجوز للمسلم تناوله.[78] ويُسمى الطعام الذي يصح للمسلم تناوله "طعام حلال". أما بالنسبة للمشروبات الكحولية فيستدل المسلمون على تحريمها من عدّة آيات كتلك التي وردت في سورة البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَإذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}، فالمسلمون يؤمنون أن للمشروبات الكحولية منافع مختلفة لكن مضارها تبقى أكثر من نفعها، لذا فهم يجتنبونها كما ورد الأمر بالنص القرآني

    الشريعة والفقه الإسلامي

    الشريعة الإسلامية هي مجموعة القوانين المفروضة بالقرآن والأحاديث النبوية وأقوال السلف الصالح -أو أهل البيت عند الشيعة- واجتهادات علماء الدين الإسلامي، والتي تحدد علاقة الإنسان بالله وبالناس وبالمجتمع والكون. وتحدد ما يجوز فعله وما لا يجوز. وأهم هذه الشرائع أركان الإسلام الخمس.[80] تُقسم الأحكام التي تشتمل عليها الشريعة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:[8]
    الأحكام العقائدية: وهي تشمل كل الأحكام التي تتعلق بذات الله وصفاته والإيمان به وهو ما يُعرف بالإلهيات، ومن هذه الأحكام أيضًا كل الأحكام التي تتعلق بالرسل وبالإيمان بهم وبالكتب التي أنزلت عليهم وما إلى ذلك وهو ما يُعرف بالنبوات، ومن هذه الأحكام أيضًا كل الأمور الغيبيّة وهي ما يُعرف بالسمعيات. وهذه الأحكام العقائدية يجمعها علم واحد يُسمى "علم التوحيد" أو "علم الكلام".[8]
    الأحكام التهذيبية: وهي الأحكام التي تدعوا إلى التحلي بالفضيلة والتخلي عن الرذيلة، فهناك أحكام تتعلق ببيان الفضائل التي يجب على الإنسان أن يتحلى بها كالصدق والأمانة والشجاعة والوفاء والصبر وما إلى ذلك، وهناك أحكام تتعلق بالرذائل التي يجب على الإنسان أن يتخلى ويبتعد عنها كالكذب والخيانة وخلف الوعد والغدر وما إلى ذلك، وهذه الأحكام التهذيبية يجمعها علم يُسمى "علم الأخلاق"[8] أو "علم التصوف". [81]
    الأحكام العملية: وهي الأحكام التي تتعلق بعمل الإنسان أو بفعل الإنسان، وهذه الأحكام محل دراستها علم الفقه الإسلامي.[8]


    الدول الإسلامية ومدى تطبيقها للشريعة.
    يرى الإسلاميين ضرورة حكم وإدارة البلاد وفقا للشريعة الإسلامية، وتطبق على المسلمين ومن في عهدتهم كأهل الذمة والمعاهدين والمستأمنين. كما يرون ضرورة توقيع العقوبة المعروفة بالحد على المسلم الذي يتخطى حدود الشريعة ويرتكب ما نهت عنه، والحد في المفهوم الشائع هو العقوبة التي وردت في القرآن أو في الحديث النبوي لكل من خالف أمر الله، وتوقع هذه في بضعة حالات أساسية هي: الزنا، قذف المحصنات أي اتهام إحدى النساء بالزنا دون دليل، شرب الخمر، السرقة، اللواط، المحاربة، القتل، والردة.[82] وتختلف العقوبة الموقعة على الشخص باختلاف الفعل الذي ارتكبه.[معلومة 4] وكانت الشريعة الإسلامية تُطبق في الدول الإسلامية المتتالية بصفتها القانون الأساسي، أما اليوم فقلة من الدول تطبقها كالقانون الوحيد للدولة وهي السعودية التي تطبق الشريعة على المنهج السلفي وإيران على المنهج الاثنا عشري والصومال في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة المحاكم الإسلامية وحركة شباب المجاهدين على منهجين مختلفين من المناهج السنية. بينما تطبقها دول أخرى إلى جانب قوانينها الوضعية، وتطبقها أخرى في مسائل الأحوال الشخصية فقط.
    أما الفقه الإسلامي فهو عبارة عن العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبطة من الأدلة التفصيلية، والمراد هنا الفهم، ومن الأحكام الشرعية العملية خطابات الشارع المنظمة لكل ما يتعلق بأعمال العباد وأفعالهم، والمقصود بالمستنبطة أي المأخوذة من الأدلة، والمراد من الأدلة التفصيلية: القرآن والسنّة النبوية وإجماع علماء الشريعة والقياس على أمور معلومة مسبقًا والعرف السائد والاستحسان وغير ذلك من أدلة أو مصادر الفقه الإسلامي.[83] والفقه الإسلامي يُقسم إلى عدة أنواع يختلف في تحديدها وتعدادها الفقهاء، ولكن يمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع أساسية:[84]
    العبادات: وهي الأحكام التي تنظم علاقة الفرد بربه، مثل الصلاة الزكاة والصوم والحج الجهاد والنذر وغير ذلك.[84]
    المعاملات: وهي العلاقات التي تنظم علاقة الفرد بأخيه الفرد كالأحكام المتعلقة بالعقود الوضعية مثل عقد البيع والإيجار والقرض والسلم والهبة والوديعة والعارية والكفالة وغير ذلك من العقود.[84]
    السياسة الشرعية: وهي الأحكام التي تنظم علاقة الدولة بالأفراد أو بالدول الأخرى، ومن أمثلتها الأحكام التي تتحدث عن موارد بيت المال ومصارفه الشرعية، بالإضافة إلى الأحكام التي تتحدث عن القضاء، والأحكام التي تبين الجرائم والعقوبات سواء أكانت حدود أم تعزيزات.[84]
    أحكام الأسرة: ويشمل هذا النوع الأحكام التي تنظم الزواج والطلاق وحقوق الأولاد والميراث والوصية إلى غير ذلك مما يُطلق عليه مصطلح "الأحوال الشخصية"، وهذه الأحكام هي التي تشتمل عليها قوانين الأحوال الشخصية.

    مصادر التشريع الإسلامي

    . القرآن: هو وحي الله لنبيه محمد، وهو المصدر الأول للتشريع، وهو ما نزل لفظه ومعناه من عند الله على النبي محمد باللفظ العربي، وقد تعهده الله بحفظه من التبديل والتحريف. وقد ظهر في العصر الحديث أقلية تقول بأن القرآن هو المصدر الوحيد للشريعة الإسلامية عرفوا لاحقًا بالقرآنيين. وعند المسلمين فالقرآن هو أصل وأساس التشريع الأول، وقد يُبين فيه أسس الشريعة ومعالمها في العقائد وفي العبادات والمعاملات ما بين تفصيل وإجمال.[85] والقرآن عند علماء الشريعة قطعي الثبوت، أما دلالته على الأحكام فقد تكون قطعية وقد تكون ظنية، وهي تكون قطعية بحال كان اللفظ الوارد فيه الحكم لا يحتمل إلا معنى واحدًا، وتكون دلالة القرآن على الأحكام ظنية إذا كان اللفظ فيه يحتمل أكثر من معنى.[85]
    2. السنّة النبوية: وينص القرآن على وجوب اتباع أوامر الرسول محمد بن عبد الله، ويقول علماء الدين الإسلامي أن اتباع الرسول يتمثل في التمسك بالسنّة النبوية وهي كل قول أو فعل أو تقرير يصدر عن الرسول، ويؤمنون أن كلام الرسول كله وحي من الله، ولذلك تعتبر السنّة النبوية المصدر الثاني في التشريع الإسلامي، وقد قام العلماء بجمع السنة النبوية في مجموعة من الكتب مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما من كتب الحديث. وتنقسم السنّة باعتبار سندها، أي روايتها، إلى ثلاث أقسام عند الأحناف: سنّة متواترة وسنّة مشهورة، وسنّة آحاد، أما جمهور الفقهاء فيقسمون السنّة إلى متواترة وأحادية.[86] أما السنّة المتواترة فهي ما رواها عن النبي محمد جمع من الصحابة يستحيل تواطؤهم على الكذب عادةً ثم رواها عنهم جمع من التابعين يمتنع اتفاقهم على الكذب عادةً، ثم رواها عنهم جمع من تابعي التابعين يستحيل اتفاقهم على الكذب عادةً، وحكم السنّة المتواترة أنها قطعية الثبوت وتفيد العلم واليقين ويجب العمل بها.[86] والسنّة المشهورة هي ما رواها عن النبي محمد واحد أو اثنان أو جمع من الصحابة لم يبلغ حد التواتر ولا يمنع توطؤهم على الكذب عادةً، ثم رواها عنهم جمع من التابعين يستحيل تواطؤهم على الكذب ثم رواها عنهم جمع من تابعي التابعين يستحيل اتفاقهم على الكذب عادةً.[86] وحكم السنّة المشهورة أنها تفيد الطمأنينة والظن القريب من اليقين ومنكرها ليس بكافر بل يُحكم بخطئه. والسنّة الأحادية هي ما رواه عن الرسول واحد أو اثنان أو جمع من الصحابة لم يبلغوا حد التواتر ولا يمنع تواطؤهم على الكذب عادةً، ثم رواها عنهم جمع من التابعين وتابعي التابعين لم يبلغ حد التواتر أيضًا، وحكم هذه السنّة أنها لا تفيد اليقين ولا العلم وإنما تفيد الظن.[86]
    3. أحاديث أهل البيت: يُعد هذا المصدر مصدر خلاف بين المذهبين السني والشيعي: فعند الشيعة أن أحاديث أهل البيت هي المصدر الثالث للتشريع، ويجمع كتب الحديث لديهم أقوال النبي إضافة إلى أقوال أهل البيت كما هو كتاب الكافي للكليني. وقد استدل الشيعة على حجية سنة أهل البيت بأدلة كثيرة، وأهم ما ذكروه من أدلتهم على اختلافها ثلاثة: القرآن، السنّة النبوية، والعقل. أما بالنسبة للقرآن فقد استدلوا بآيات عدة أهمها آيتان، الأولى آية التطهير وهي: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، والثانية: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، وأول أدلتهم من السنة وأهمها هو حديث الثقلين: "إني تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفونني فيهما".[87] ويرى الشيعة أن في هذا الحديث دلالة على عصمة أهل البيت وبالتالي فإن أحاديثهم تعتبر مصدرًا من مصادر التشريع، لاقترانهم بالكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وفق هذا الحديث النبوي.[88]


    فقيه مسلم من العصر العثماني.
    4. الإجماع: وهو اتفاق جمع كبير من علماء الأمة على حكم مسألة بعينها استدلالاً بالنصوص الواردة فيها، وقد استنبط علماء الدين الإسلامي فكرة الإجماع وفقًا لتفسيرات بعض آيات القرآن والأحاديث التي يرونها دالة على ذلك.[89] ولا ينعقد الاجماع إلا بتحقيق الأمور التالية: أن يكون الاتفاق على الحكم من المجتهدين الذين بلغوا درجة الاجتهاد عند أهل السنّة، وعن الأئمة عند الشيعة،[90] وبالتالي فلا عبرة باتفاق غيرهم من العامّة. كذلك يجب أن يتفق جميع المجتهدين فلا يشذ واحد منهم، فلو خالف واحد منهم فلا ينعقد الإجماع وفقًا للرأي الراجح. أيضًا يجب أن يكون المجتهدون من أمة النبي محمد وبالتالي فلا عبرة باتفاق المجتهدين من غير هذه الأمة،[91] ويجب أن يكون اتفاق المجتهدين بعد وفاة محمد إذ لا وجود للإجماع في حياته بما أن مصادر التشريع في عصره كانت محصورة في القرآن والسنّة.[91] وأخيرًا يجب أن يكون الاتفاق على حكم شرعي قابلاً للاجتهاد كالإجماع على أن أمرًا ما واجب أو حرام أو مندوب أو ما إلى ذلك. والإجماع نوعان:[91] الإجماع الصريح وهو أن يتفق المجتهدون في عصر من العصور على حكم شرعي في واقعة ما بإبداء كل منهم رأيه صراحة، والإجماع السكوتي وهو أن يتحدث بعض المجتهدين في عصر من العصور بحكم شرعي في واقعة ما ويعلم بذلك باقي المجتهدين في نفس العصر فيسكتون دون إبداء موافقة أو مخالفة صريحة.[91]
    5. القياس: وهو إلحاق أمر غير منصوص على حكمه في القرآن أو السنّة أو الإجماع بأمر آخر منصوص على حكمه في القرآن أو السنّة أو الإجماع لاشتراكهما في علّة الحكم. ومن أمثلة القياس تحريم النبيذ قياسًا على تحريم الخمر، فقد ورد في سورة المائدة أن حكم الخمر هو التحريم وأن علّة التحريم هي الإسكار،[92] ونفس العلّة موجودة في النبيذ، لذا اتفق العلماء على أنه يأخذ حكم الخمر المنصوص عليه.
    6. الاجتهاد: وهو تطوع أحد العلماء أو مجموعة من العلماء لاستنتاج حكم مسألة معينة لم يرد نص معين فيها؛ كالأمور الحديثة من التقنيات وغيرها. وقد اشترط العلماء شروطًا فيمن يحق له الاجتهاد.

    المذاهب الفقهية الكبرى

    المذاهب الفقهية منها ماهو فردي ومنها ماهو جماعي، والمذاهب الفردية يُقصد بها المذاهب التي تكونت من آراء وأقوال مجتهد أو فقيه واحد، ولم يكن لتلك المذاهب أتباع وتلاميذ يقومون بتدوينها ونشرها، فلم تُنقل إلى العصور اللاحقة بشكل كامل. أما المذاهب الفقهية الجماعية فيُقصد بها تلك المذاهب التي تكونت من آراء وأقوال الأئمة المجتهدين مضافًا إليها آراء تلاميذهم وأتباعهم، ثم أُطلق على هذه المذاهب أسماء هؤلاء الأئمة ونُسبت إليهم باعتبارهم المؤسسين لها، ولقد قام تلاميذ وأتباع هذه المذاهب الجماعية بنشرها وتدوينها مما ساعد على بقائها حتى الآن. ومن أشهر المذاهب الفقهية الباقية المذاهب الأربعة المعروفة وهي بحسب الترتيب التاريخي: المذهب الحنفي والمذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي والمذهب الظاهري، وتُسمى هذه المذاهب بمذاهب أهل السنّة،[93] بالإضافة لمذاهب الشيعة كالمذهب الجعفري والمذهب الزيدي، وكذلك المذهب الأباضي.[94]
    المذهب الحنفي
    صاحب هذا المذهب هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الملقب "بالإمام الأعظم"، فارسي الأصل؛[95][96] وُلد في الكوفة سنة 699م، الموافقة سنة 80هـ، ونشأ بها وتوفي ببغداد سنة 767م، الموافقة سنة 150هـ.[97] يتجه بعض المؤرخين والعلماء إلى القول أن أبو حنيفة يُعد من "التابعين" أي من الجيل الذي عاصر بعض صحابة النبي محمد، ذلك أنه نقل بعض الأحاديث من الصحابي أنس بن مالك شخصيًا، بالإضافة لعدد من الصحابة الآخرين،.[98] بينما يقول مؤرخون آخرون أنه يعتبر من "تابعي التابعين".[99]


    مسجد الإمام الأعظم "أبو حنيفة النعمان" في بغداد، العراق.
    يُعد أساس المنهج الاجتهادي لأبي حنيفة هو الأخذ بالقرآن، ثم بالسنّة النبوية الصحيحة، وبأقضية الخلفاء الراشدين وعامّة الصحابة، ثم اللجوء إلى القياس.[100] لكنه لم يكن يلتزم بآراء التابعين "فهم رجال ونحن رجال" كما يقول. كان أبو حنيفة متشددًا إلى أبعد الحدود في مسألة الحديث، فكان لا يقبل الحديث عن النبي محمد إلا إذا روته جماعة عن جماعة؛ أو كان حديثًا اتفق فقهاء الأمصار على العمل به؛ أو رواه واحد من الصحابة في جمع منهم فلم يخالفه أحد. كما أنه كان يرفض الأحاديث المقطوعة وأحاديث الآحاد، ويشترط في الحديث المتواتر أن يكون الراوي عرف المروي عنه، وعاشره وتيقن من أمانته.[100] وعلى الجملة كان أبو حنيفة يُفضل القياس على الحديث غير الموثوق، وتوسع في استعمال الرأي لاستنباط العلّة الجامعة بين المسائل المقاسة على بعضها البعض، فقال "بالاستحسان"، وهو أمر أوسع من القياس عملاً بالحديث النبوي: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن"، والمراد بذلك تحقيق المصالح المتنوعة في حدود الدين. وكان أبو حنيفة يأخذ بالأعراف التي لا تخالف نصًا من النصوص الشرعيّة ويوجب العمل بها، خصوصًا في مجال التجارة الذي كان له فيه خبرة واسعة. وبهذا قيل عن فقه أبي حنيفة أنه كان "يسير مع الحياة ويراعي مشاكلها المتنوعة".
    المذهب المالكي
    مؤسس هذا المذهب هو الإمام مالك بن أنس المُلقب "بشيخ الإسلام" و"حجة الجماعة"،[101] وُلد في المدينة المنورة سنة 711م، الموافقة سنة 96هـ، وتوفي سنة 795م الموافقة سنة 179هـ. يتمثل أساس التشريع عند ملك في القرآن والسنّة النبوية. وكان المحدثون في المدينة كثيرين ويعرف بعضهم بعضًا. لكن مالكًا لم يكن يرفض القياس، أي بناء الأحكام على نظائرها من التي أجمع عليها أهل المدينة، وما أثر من فتاوى الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة شرط ألا يُخالف ذلك مصلحة متوافقة مع مقاصد الشريعة. وذهب مالك إلى القول بالمصالح المرسلة أو مبدأ "الاستصلاح" وهو قريب من مبدأ "الاستحسان"؛ وشرطه أيضًا أن تكون هذه المصالح متلائمة مع مقاصد الشريعة وأصولها. فالمراد بالاستصلاح تشريع الحكم في واقعة لا نص فيها ولا إجماع، مراعاة لمصلحة مرسلة غير مقيدة بنص يدل على إثباتها أو نفيها، فهو بهذا بديل عن القياس بحال كان الأخير مستحيلاً بسبب فقدان حكم الأصل المقاس عليه. وكان مالك يعتبر عمل أهل المدينة حجة تشريعية مقدمة على الخبر والقياس؛ وعندما يستغلق عليه أمر، كان يقول باللاأدريّة حتى لا يقع في حرام.[102] وأدّت به جرأته أحيانًا إلى صدام مع السلطة. فقد قال: "ليس على مستكره بيعة"؛ فاعتبر الخليفة أبو جعفر المنصور هذا الكلام طعنًا بخلافته. وقال أيضًا بعدم شرعية زواج المتعة، فاستعدى عليه بعض العبّاسيين.[103]يختلف أتباع المذهب المالكي في صلاتهم عن أتباع باقي المذاهب الإسلامية من حيث طريقة الوقوف ووضعية الأيدي.[104]
    المذهب الشافعي
    مؤسس هذا المذهب هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي، وُلد في غزة سنة 767م،[105] الموافقة سنة 150هـ وتوفي سنة 820م الموافقة سنة 204هـ. لازم مالكًا في المدينة المنورة وحفظ كتاب الموطأ فعُرف في بغداد "بناصر الحديث".[106] ولازم أيضًا أئمة العراق كالإمام "الشيباني"، وأخذ عنه فقه الرأي، ثم سافر إلى مصر، فانتشر مذهبه هناك وعُرف "بصاحب المذهبين".[107]


    رسم يُظهر فقيهًا مسلمًا وإلى جانبه بعض تلاميذه في جلسة نقاش.
    وأساس التشريع عند الشافعي هو القرآن والسنّة النبوية.[100] ولا يشترط في الحديث أن يكون متواترًا؛ بل إنه يقبل أحاديث الآحاد، شرط أن يكون الرواة صادقين موثوقين، كما يقبل الشافعي بإجماع الصحابة وأهل المدينة، لكنه يُفضل إجماع علماء الأمة في كل الأمصار، لأنه أكثر ضمانة لوحدة الأمة ومصلحتها، وهذا ما يمكن تسمته بالإجماع الموسع. ويأتي بعد ذلك القياس ثم الاجتهاد إذا كان مبنيًا على قياس؛ لذلك أنكر الشافعي الاستحسان الذي يتجاوز القياس ويتأثر بالتالي بالعامل الذاتي. بل إنه يُفضل القياس على الاستحسان باعتباره أكثر ضمانة لشرعيّة الأحكام لاعتماده أحكام سابقة مبنية على أصل أو إجماع. فالعودة إلى الأصول أكثر تحقيقًا للعدالة الشرعية.[100] يختلف الشافعيّة في هيئة صلاتهم عن باقي المذاهب الأخرى من بعض النواحي، مثل وضعيّة الأيدي عند القيام والركوع، وإبقاء السبّابة مرتفعة حتى التسليم.[108]
    المذهب الحنبلي
    صاحب هذا المذهب هو الإمام أحمد بن حنبل، وُلد سنة 780م الموافقة سنة 164هـ في بغداد،[109][110] وتوفي بها 12 ربيع الأول سنة 855م[111] الموافقة سنة 241هـ. هو تلميذ للشافعي؛ أخذ عنه ميله إلى الحديث. وُلد وعاش في العصر العبّاسي الذي كثر فيه الجدل الكلامي والفقهي، فرأى في ذلك الجدل انحرافًا عن الحقيقة الشرعيّة. وكانت مصنفات الحديث قد وضعت حدًا لظاهرة الوضع، فصار الاعتماد على الحديث أمرًا مضمونًا؛ فاعتمد أحمد بن حنبل عليه، وعُرف مذهبه بأنه محافظ.
    اعتمد أحمد بن حنبل على الحديث، واعتبره كا
    Meriem.M
    Meriem.M


    موضوع شامل عن الإسلام  283436858



    الابراج : السمك عدد المساهمات : 832
    نقاط : 81657
    تاريخ التسجيل : 08/09/2010
    العمر : 29
    الموقع : الجزائر

    موضوع شامل عن الإسلام  Empty رد: موضوع شامل عن الإسلام

    مُساهمة من طرف Meriem.M الجمعة أكتوبر 29, 2010 3:04 pm

    لتاريخ الإسلامي

    جرت العادة على تقسيم تاريخ الإسلام إلى عهود الخلافة المتنوعة التي مرّت على الدول الإسلامية والأسر الحاكمة التي حكمتها. وبطبيعة الحال يبدأ تاريخ الإسلام منذ عهد النبي محمد، ويُطلق على تلك المرحلة تسمية "العصر النبوي" أو "صدر الإسلام"، وفيها بدأت الدعوة الإسلامية بين العرب وانتشر الدين الجديد شيئًا فشيئًا حتى اعتنقه أغلب سكان شبه الجزيرة العربية.[122][123] وبعد وفاة محمد تولّى شئون المسلمين 4 من كبار الصحابة هم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وعليّ بن أبي طالب، وعُرفوا بالخلفاء الراشدين،[124] وفي عهدهم بدأ التوسع الإسلامي خارج شبه الجزيرة العربية. وبعد عهد الخلفاء الراشدين جاء العهد الأموي أو العصر الأموي الذي استفرد فيه بنو أميّة بالخلافة وفيه استمر التوسع الإسلامي حتى بلغ شبه الجزيرة الأيبيرية،[125] وفي أواخر هذا العصر ثار بنو العبّاس بن عبد المطلب عمّ النبي محمد على الحكم وخلعوا الأمويين واستفردوا بالحكم فعُرفت هذه الفترة باسم "العصر العبّاسي"،[126] وفيها بلغت الحضارة الإسلامية أوج تقدمها وازدهارها وتقدمت فيها العلوم والآداب تقدمًا لم تعرفه العرب من قبل فعُرف هذا العصر أيضًا "بالعصر الذهبي للإسلام"،[127] وفي أواخره دبّ الضعف إلى جسم الدولة وتراجعت هيبة الخلافة لأسباب مختلفة،[128] فما كان إلا أن استفرد عدد من الحكام بأقاليم مختلفة ودعوا لنفسهم مثل الطولونيين والإخشيديين والحمدانيين والفاطميين والسلجوقيين، ثم حلت ثالثة الأثافي بالمسلمين؛ فكانت الحروب الصليبية، حيث شنّت الممالك الأوروبية الغربيّة حملة على بلاد الشام للاستيلاء على مدينة القدس من أيدي المسلمين، فتمكنت من ذلك وبقي الصليبيون في الأراضي المقدسة مئة وأربعًا وتسعين سنة.[129][130]


    الدولة العبّاسية في أقصى اتساعها قرابة سنة 850.


    الدولة العثمانية في أقصى اتساعها سنة 1683.
    وخلال هذه الفترة قامت بضع دول إسلامية استمرت بقتال الصليبيين واسترجعت منهم بعض المدن والقلاع أحيانًا وفقدتها لصالحهم في أوقات أخرى مثل دولة الأتابكة والأيوبيين،[131] قبل أن تقوم دولة المماليك في مصر وتهزم الصليبيين وتردهم على أعقابهم وتسترجع كامل بلاد الشام. وخلال هذه الفترة كان المغول بقيادة هولاكو خان قد غزوا عاصمة الخلافة بغداد وأمعنوا فيها تدميرًا وخرابًا،[127] فنقل الخلفاء العباسيون مقرهم إلى مدينة القاهرة إلا أن خلافتهم كانت قد أصبحت خلافة صورية ذلك أن سلاطين المماليك كانوا قد أصبحوا سادة الموقف بحق.[132] وبعد ذلك لم يعد للمسلمين دولة قويّة توحدهم كما كان الحال في بداية العهد العبّاسي، إلى أن ظهرت الدولة العثمانية على يد السلطان عثمان الأول،[133] فقد قام خلفاؤه بالاستيلاء على عدد من الدول التي لم يسبق للمسلمين فتحها، كدول البلقان، ونشر الإسلام فيها، وفي عهد سابع سلاطين هذه الدولة، محمد الثاني، افتتحت القسطنطينية بعد محاولات عديدة فاشلة خلال الأزمنة السابقة،[134] وفي سنة 1516 فتح حفيد السلطان سالف الذكر، سليم الأول، بلاد الشام ومصر وقضى على السلطنة المملوكية وجعل آخر خلفاء بني العبّاس يتنازل له عن الخلافة، فأصبح بنو عثمان بذلك خلفاء المسلمين طيلة 408 سنوات،[135] وعُرف هذا العصر "بالعصر العثماني"، وفيه برزت بضع دول إسلامية في إيران وما ورائها مثل الدولة التيمورية والدولة الصفوية والدولة الهوتكيانية. وبعد انهيار الدولة العثمانية تفرّق شمل المسلمين وقامت عدّة دول مستقلة يجمعها رابط اللغة أو الثقافة أو الأخوّة دون أن تكون موحدة فعلاً.

    العصر النبوي (610–632)

    نشأ الدين الإسلامي على يد محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب من بني هاشم، أحد فروع قبيلة قريش العربية العريقة. كان محمد، وفقًا للمصادر الإسلامية، حنيفيًا قبل الإسلام يعبد الله على ملة إبراهيم ويرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية.[136] وكان يذهب إلى غار حراء في جبل النور على بعد نحو ميلين من مكة فيأخذ معه السويق والماء فيقيم فيه شهر رمضان،[137] وكان يختلي فيه ويقضي وقته في التفكر والتأمل. يؤمن المسلمون أن الوحي نزل لأول مرّة على محمد وهو في غار حراء، حيث جاءه الملاك جبريل، فقال:‏ "اقرأ"،‏ قال‏:‏ ‏"ما أنا بقارئ" - أي لا أعرف القراءة، قال:‏ "‏فأخذني فغطَّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني" فقال:‏ "اقرأ"، قلت:‏ "ما أنا بقارئ"، قال :‏ "فأخذني فغطَّني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني" فقال:‏ "اقرأ"، فقلت:‏ "ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّني الثالثة، ثـم أرسلني"، فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ۝ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ۝ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ۝ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ۝ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}، فأدرك محمد أن عليه أن يعيد وراء جبريل هذه الكلمات، ورجع بها يرجف فؤاده، فدخل على زوجته خديجة بنت خويلد، فقال‏:‏ ‏‏"زَمِّلُونى زملوني"، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم أخبر زوجته بما حصل معه، فانطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان حبرًا مسيحيًا يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية، وكان شيخًا كبيرًا فأخبره خبر ما رأى، فقال له ورقة:‏ "هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى". ويؤمن المسلمون أن جبريل آتى محمدًا مرة أخرى جالسًا على كرسي بين السماء الأرض، ففر منه رعبًا حتى هوى إلى الأرض، ‏فذهب إلى زوجه خديجة فقال:‏ ‏"دثروني، دثروني، وصبوا علي ماءً باردًا"، فنزلت سورة المدثر: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ۝ قُمْ فَأَنْذِرْ ۝ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ۝ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ۝ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}، وهذه الآيات هي بداية رسالته ثم بدأ الوحي ينزل ويتتابع لمدة ثلاثة وعشرين عاماً حتى وفاته.[138] أعلن محمد رسالته إلى أسرته سرًا، فكان ممن سبق إلى الإسلام زوجته خديجة بنت خويلد، وابن عمه علي بن أبي طالب، وصديقه المقرّب أبو بكر، وأخذ محمد يدعو إلى ترك عبادة الأصنام وعبادة إله واحد لا شريك له والإيمان بالآخرة، ولكنه ما كاد يجهر بالدعوة حتى سخرت منه قبيلته قريش، وآذته أشد الإيذاء، وعذّبت أتباعه من المستضعفين، فأخبرهم محمد أن الله أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة، فخرج قرابة 80 منهم وضموا عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت محمد، وأبو حاطب بن عمرو وجعفر بن أبي طالب.[139] فأمّن نجاشي الحبشة "أصحمة بن أبحر" المسلمين على أرواحهم وأعطاهم حرية البقاء في بلاده، فبقي منهم من بقي في شتى أنحاء القرن الإفريقي عاملاً على نشر الدين الإسلامي هناك.


    جبل أحد حيث موقع معركة أحد التي انهزم فيها المسلمون.
    وزاد في حرج موقف النبي محمد وأتباعه في مكة وفاة عمّه أبي طالب ووفاة زوجته خديجة، فخسر بفقدهما مساعدين قويين، وهكذا اشتد اضطهاد قريش للمسلمين من أتباع محمد، الذين كانوا يتحملون الاضطهاد صابرين، عندئذ لم يجد النبي بدًا من أن يأمر المسلمين بالهجرة سرًا من مكة إلى مدينة يثرب، وكان نحوٌ من سبعين رجلاً من أهلها قد آمنوا برسالته في إحدى زياراتهم لمكة.[140] وما لبث محمد أن لحق بأتباعه إلى يثرب يرافقه أبو بكر، وعندما وصلها قابله أهلها بتحية النبوّة وسُميت "المدينة المنورة". وأخذ عدد المسلمين يتكاثر شيئًا فشيئًا، إلى أن استطاعوا أن يواجهوا أهل مكة في ساحات المعارك، فكانت غزوة بدر بتاريخ 17 مارس سنة 624م، الموافق في 17 رمضان سنة اثنتين للهجرة. وانتصر جيش المسلمين وقُتِل من المكيين حوالي 70 قتيلا منهم أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي سيد قريش، في حين قتل من المسلمين ما لا يتجاوز أربعة عشر شخصًا. ذلك بالرغم من التفوق العددي لجيش مكة.[141] كما تم أسر 70 فردًا من قوات جيش مكة، وأُطلق سراح الكثير منهم لاحقًا مقابل فدية.[142][143] وقد أثارت الهزيمة أهل مكة فجمعوا جموعهم في العام التالي، والتقوا بالمسلمين عند جبل أحد وكرّوا عليهم وهزموهم. قُتل عدد كبير من المسلمين في هذه المعركة من ضمنهم حمزة بن عبد المطلب عم محمد الذي يلقبه المسلمون السنّة "سيد الشهداء".[144][145][146] وبعد معركة أحد أقدم أبو سفيان على حشد جيش كبير، وتوجه به نحو المدينة المنورة قاصدًا احتلالها. أعد محمد كذلك جيشًا كبيرًا لمواجهة الغزو، واستخدم أسلوبًا جديدًا لم يكن معروفًا في شبه جزيرة العرب في ذلك الحين، حيث أخذ بمشورة سلمان الفارسي وقام بحفر خندق حول المدينة وأضرم فيه النيران. حينما وصل تحالف العرب إلى المدينة يوم 31 مارس سنة 627م فوجئوا بالخندق فقرروا محاصرة المدينة. استمر الحصار لمدة أسبوعين،[147] بعدها قرر المحاصرون العودة إلى ديارهم.[148] وفي العام التالي أبرم محمد معاهدة سلام مع المكيين عُرفت بصلح الحديبية، واتفقوا أن تسري مفاعيلها طيلة عشر سنوات.[149]


    رسم فارسي لبلال بن رباح وهو يؤذن على سطح الكعبة بعد دخول المسلمين لمكة.
    توّجه المسلمون إلى خيبر بعد أن أراحوا بالهم من جهة المكيين، وكانوا ألف وست مئة مقاتل، في مطلع ربيع الأول من العام السابع الهجري، وأحاط محمد تحركه بسرية كاملة لمفاجأة اليهود. فوصل منطقة تدعى الرجيع تفصل بين خيبر وغطفان وفي الظلام حاصر المسلمون حصون خيبر واتخذوا مواقعهم بين أشجار النخيل. وفي الصباح بدأت المعارك، حتى سقطت آخر حصونهم على يد سرية بقيادة علي ابن أبي طالب. فاتفق معهم محمد على أن يعطوه نصف محصولهم كل عام على أن يبقيهم في أراضيهم.[150][151] كما بعث محمد في تلك السنة رسائل إلى العديد من حكام الدول المجاورة، داعيًا إياهم إلى اعتناق الإسلام.[139] فأرسل رسله إلى هرقل إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية، وكسرى شاه فارس، والمقوقس عامل الروم في مصر، وبعض البلدان الأخرى.[152][153] وفي السنوات التي أعقبت صلح الحديبية، أرسل محمد قواته إلى الشمال فالتقوا مع القوات البيزنطية في غزوة مؤتة، لكنهم انهزموا بسبب الفارق العددي الكبير.[154] وبعد مضيّ ثماني سنوات على هجرة النبي محمد من مكة، استطاع أن يعود إليها فاتحًا دون قتال،[155] وأعلن عفوًا عامًا عن كل أهل مكة، باستثناء عشرة منهم ممن قاموا بنظم الشعر لهجائه،[156] فسارع أهلها إلى الانضواء تحت لوائه واعتناق الإسلام دينًا، ثم أقدم على تدمير جميع تماثيل الآلهة العربية بداخل الكعبة وحولها.[157][158] وأمر بلال بن رباح الحبشي، أحد الصحابة وأول مؤذن في الإسلام، أن يصعد الكعبة ويؤذن بالصلاة.
    وعاش النبي محمد سنتين بعد فتح مكة، وفي السنة العاشرة للهجرة خرج للحج في أكثر من مائة ألف من المسلمين. وعند جبل عرفات ألقى عليهم خطبته التي تعتبر دستور الإسلام، فقد بيّن فيها أسس الإسلام ومبادئه، ونادى بالمساواة بين الناس، لا فرق في ذلك بين العبد الحبشي والشريف القرشي، وقرأ عليهم آخر ما نزل من القرآن: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ولم يمض على حجة الوداع ثلاثة أشهر حتى مرض النبي محمد بالحمّى، فلمّا رأى الأنصار اشتداد المرض عليه أحاطوا بالمسجد، فخرج متوكئًا على علي والعبّاس والفضل أمامهما،[159] فجلس في أسفل مرقاه من المنبر وقال للناس أنه ملاق ربه لا محال، فلم يسبق لنبي قبله أن خلد في قومه حتى يخلد فيهم، وبعد أن أوصى المسلمين بالمهاجرين والأنصار خيرًا، توفي النبي محمد يوم 8 يونيو سنة 632م، الموافق في 13 ربيع الأول سنة 11 هـ، وهو في الثالثة والستين من عمره،‏[160] ودُفن ببيت زوجته عائشة بجانب المسجد النبوي،[161] وفي هذا الوقت كان الإسلام قد انتشر في شبه الجزيرة العربية بالكامل

    عد وفاة محمد اختلف أتباعه على هوية الشخص الذي سيخلفه في الحكم،[123] حيث اجتمع جماعة من المسلمين في سقيفة بني ساعدة، فرشّح سعد بن عبادة نفسه وأيده في ذلك الأنصار، في حين رشح عمر بن الخطاب أبا بكر الصديق مؤكدًا على أحقية المهاجرين في الخلافة.[162] ولقي هذا الترشيح تأييد المسلمين ممن كانوا في السقيفة، في حين اعترض عليه لاحقًا مجموعة من المسلمين كانوا منشغلين بتجهيز جثمان محمد ودفنه؛ متمسكين بعلي بن أبي طالب كخليفة نظرًا لقرابته ومكانته من محمد، ويضيف بعض المؤرخين لهذة الأسباب مبايعة المسلمين له في غدير خم وإن كان هناك خلاف حول صحة وقوع هذا الحدث. بعد استقرار الأمر لأبي بكر في المدينة، عمل على حمايتها ومحاربة بعض القبائل التي ارتدت عن الإسلام بعد وفاة النبي، وفي أيامه كان ظهور مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة، فأرسل إليه من حاربه وقتله،[163] وعُرفت هذه الحروب "بحروب الردة"،[164] وكذلك ادعت سجاح بنت الحارث النبوة وبقيت على ذلك إلى خلافة معاوية بن أبي سفيان فأسلمت وحسن إسلامها. ولم يكد أبو بكر يفرغ من قتال المرتدين حتى وجّه جيوشه لفتح البلاد الواقعة خارج شبه الجزيرة العربية، فوجّه عدّة جيوش إلى بلاد الشام، وولّى عليها كلها أبا عبيدة بن الجراح،[165] وكان منها سرية كان قد أعدها محمد قبل مماته بقيادة أسامة بن زيد لمحاربة الروم رغم اعتراض البعض لصغر سن قائدها.[166] وكان أول اصطدام هو الذي وقع في وادي عربة جنوبي البحر الميت، فانتصرت فيه الحملة العربية بقيادة يزيد على قوّات البيزنطيين التي تراجعت نحو غزة. ولمّا بلغت هرقل، إمبراطور الروم، أنباء المعارك الأولى التي خاضتها القوات العربية في الشام، أسرع إلى الجنوب حيث نظّم خطة الدفاع، وولّى أخاه ثيودورس قائدًا على جيش الروم، فأرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد الذي كان يُقاتل الفرس في العراق يطلب إليه أن يسرع إلى نجدة القوات العربية في الشام، فلبّى خالد طلبه بعد أن كانت مدينة الحيرة قد استسلمت له، فكانت بذلك أول غنيمة نالها المسلمون خارج شبه الجزيرة العربية. ما كاد خالد يبلغ بصرى حتى اجتمع قوّاد القوات العربية وأمروه عليهم،[165][167] فرتب الجيش ترتيبًا جديدًا، وبدأت الغارات المنظمة على مدن الشام. وبتاريخ 8 أغسطس سنة 634م، مرض أبو بكر مرضًا شديدًا، فأدرك دنوّ أجله وأقدم على إعلان خلافة عمر بن الخطاب كي لا يصبح هناك شقاق بين المسلمين بعد وفاته، على الرغم من أن الجدال كان قائمًا عما إذا كان ينبغي أن يتولى علي بن أبي طالب الخلافة أم لا.[168] توفي أبو بكر يوم الإثنين في 23 أغسطس من نفس السنة ودُفن إلى جانب النبي محمد.


    موقع معركة اليرموك التي فتحت الباب على مصراعيه أمام المسلمين لفتح بلاد الشام.
    تولّى عمر بن الخطاب الخلافة بعد وفاة أبو بكر، فتابع الفتوحات التي بدأها المسلمون في عصر سلفه، فسقطت مدينة بصرى ثم تبعتها فحل على ضفة الأردن الشرقية. وبعد حصار ستة أشهر استسلمت دمشق بعد أن غادرتها حاميتها البيزنطية. وقد أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق أمانًا على أنفسهم وأولادهم وأموالهم وكنائسهم وبيوتهم ما داموا يؤدون الجزية. ودخلت القوى العربية حمص وحماة، ولكن أنباء الحشد الكبير الذي أعده هرقل، بقيادة أخيه ثيودورس في فلسطين، والذي قيل أنه وصل في تعداده إلى 100,000 رجل،[169] جعلت خالدًا يتخلّى عن بعض المدن الشاميّة ليواجه جيش الروم في وقعة حاسمة، فانحدر إلى وادي اليرموك الذي يصب نهره في الأردن، وجمع جيوشه كلها وعسكر بها على مرتفع جنوبيّ النهر،[170] فكان النهر فاصلاً بين جيوشه وبين الروم، فإذا هاجمها العدوّ استطاعت أن تنجو بنفسها إلى الصحراء التي تمتد ورائها، فيتعذر على الروم اللحاق بها. ولكن ما أن انجلى غبار المعركة الكبرى التي نشبت بين الفريقين حتى ظهرت هزيمة البيزنطيين في فرار عدد من كتائب الجيش وفي كثرة الجرحى والقتلى. وكان من بين القتلى ثيودورس نفسه.[171] وفي الوقت نفسه توجهت قوة عربية بقيادة أبي عبيدة بن الجرّاح إلى سهل البقاع، ورابطت خارج أسوار بعلبك، وبعد حصار طويل وقتال شديد استسلمت الحامية البيزنطية في المدينة. وتوجهت قوة عربية أخرى بقيادة يزيد بن أبي سفيان إلى سواحل لبنان، فتم الاستيلاء على صور وصيدا وبيروت وجبيل وعرقة صلحًا.[172]


    أنقاض إيوان كسرى، قصر السلالة الساسانية، في المدائن بالعراق.
    كانت الحملة العربية في العراق بقيادة سعد بن أبي وقّاص تُنازل جيش الفرس بقيادة القائد رستم فرخزاد، في معركة القادسية قرب الحيرة. وكانت النتيجة أن قُتل رستم وتشتت الجيش الفارسي ومضى سعد بجيشه إلى المدائن عاصمة الفرس، فدخلها بعد أن فرّ منها يزدجرد الثالث آخر الأكاسرة الساسانيين، مع فلول من الجيش، ولكن سعدًا طاردهم من مدينة إلى مدينة حتى اشتبك معهم في آخر واقعة كبيرة وهي معركة نهاوند.[173] وكانت مقاومة الفرس أشد من مقاومة الروم في الشام، فكثرت المعارك، وكثرت الضحايا، ولم يتم فتح فارس إلا عام 640م.[174] وكان العرب قد اتخذوا الكوفة معسكرًا يوجهون منه القوّات لإخضاع الفرس الذين كانت تتجدد مقاومتهم، حتى تم إخضاع الأقاليم الشرقية كخراسان ومنها تقدموا إلى ما وراء النهر وفتحوا بعد ذلك أذربيجان وأرمينيا وكامل القوقاز. وانطلق عمرو بن العاص من القدس إلى مصر، بعد أن شاور الخليفة،[175] سالكًا الطريق التي سلكها قبله قمبيز والإسكندر الأكبر. واصطدمت القوة العربية بالروم في مدينة الفرماء، مدخل مصر الشرقية، فسقطت المدينة بيد عمرو، ثم تبعتها بلبيس. وكان المقوقس، عامل الروم على مصر، قد تحصن بحصن إزاء جزيرة الروضة على النيل، ورابط عمرو في عين شمس.[176] ولما وصلت الإمدادات من الخليفة عمر، تقاتل الفريقان في منتصف الطريق بين المعسكرين،[177] فانهزم المقوقس واحتمى بالحصن، ولمّا ضيّق عمرو عليه الحصار اضطر إلى القبول بدفع الجزية.[178] وتابع عمرو استيلائه على المدن المصرية، ولم يبق إلا الإسكندرية قصبة الديار المصرية وثانية حواجز الإمبراطورية البيزنطية. وكان الاسطول البيزنطي يحميها من البحر، ولكن شدّة الغارات البريّة العربية، وموت هرقل وارتقاء ابنه قسطنطين الثاني عرش الإمبراطورية وكان حديث السن، جعلت الروم يوافقون على شروط الصلح، فجلت قواتهم وأسطولهم عن المدينة ودخلها المسلمين فاتحين، وأطلقوا الحرية الدينية للأقباط وأمّنوهم على ممتلكاتهم وأرواحهم.[179] وبتاريخ 1 نوفمبر سنة 644م، الموافق في 24 ذي الحجة سنة 23هـ، طُعن عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤة الفارسي وهو يُصلي،[180] ولم يلبث طويلاً حتى فارق الحياة في 7 نوفمبر من نفس السنة، ودُفن إلى جانب النبي محمد وأبي بكر. وكان عمر أوّل من حمل لقب "أمير المؤمنين"، وبلغ عدد المدن التي افتتحت في خلافته حوالي 4050 مدينة،[181] وفي عهده دوّنت الدواوين وأُنشئ البريد ووُضع التاريخ الهجري.


    مصحف عثمان، إحدى أقدم النسخ من القرآن الباقية حتى اليوم.
    وبعد عمر بن الخطاب بويع عثمان بن عفّان خليفة للمسلمين،[182][183] وأشهر ما حدث في خلافته فتح شمال أفريقيا وغزو سواحل شبه الجزيرة الأيبيرية وجزيرة قبرص ونسخ القرآن الذي جُمع في خلافة أبي بكر وإرسال نسخ منه إلى جميع البلدان المفتوحة حديثًا وحرق ما سواه من النسخ. وفي عهد عثمان بدت بوادر الانشقاق بين الهاشميين والأمويين، ذلك أن عثمانًا أوكل بعض الأمور إلى نفر من أهله وأقاربه، فعزل أغلب الولاة وولّى الكوفة الوليد بن عقبة، وكان أخاه من أمه؛ وعزل عمرو بن العاص عن مصر وولاها عبد الله بن أبي السرح العامري، وكان أخا عثمان من الرضاعة؛ وعزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وولاها ابن خاله عبد الله بن عامر، فنقم عليه كثير من الناس وأتت المدينة المنورة وفود من مصر والكوفة والعراق وحاصروا مقر الخليفة،[184] فدافع عنه بعض الصحابة مثل محمد بن أبي بكر والحسن والحسين ابنيّ علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير،[185] ولكنهم لم يتمكنوا من حمايته فقُتل على يد الثوّار في داره بتاريخ 17 يوليو سنة 656م، الموافق في 18 ذي الحجة سنة 35هـ،[186] ودُفن في مقبرة البقيع.[معلومة 5]
    بعد مقتل عثمان حصلت البيعة لعليّ بن أبي طالب،[187] فبايعه جميع من كان في المدينة من الصحابة والتابعين والثوّار. يروى إنه كان كارهًا للخلافة في البداية واقترح أن يكون وزيرًا أو مستشارًا إلا أن بعض الصحابة حاولوا إقناعه فضلا عن تأييد الثوار له،[188][189] ويروي ابن خلدون والطبري أنه قبل خشية حدوث شقاق بين المسلمين.[187][190] ومنذ اللحظة الأولى في خلافته أعلن علي أنه سيطبق مبادئ الإسلام وترسيخ العدل والمساواة بين الجميع بلا تفضيل أو تمييز، كما صرح بأنه سيسترجع كل الأموال التي اقتطعها عثمان لأقاربه والمقربين له من بيت المال،[191][192][193] فأقدم في سنة 36 هـ على عزل الولاة الذين عينهم عثمان وتعيين ولاة آخرين يثق بهم، مخالفًا بذلك نصيحة بعض الصحابة مثل ابن عباس والمغيرة بن شعبة الذين نصحوه بالتروي في اتخاذ القرار.[190] وبعد بضعة أشهر من استلامه الحكم، طالبت عائشة بنت أبي بكر وزوجة النبي محمد، طالبت الأخذ بثأر عثمان، وانضم إليها طلحة والزبير بن العوام وساروا ومن تبعهم إلى البصرة للاستيلاء عليها،[190][194] فلحقهم علي وحصلت بين الفريقين معركة الجمل المشهورة، فانتصر علي ومن معه وقُتل طلحة وولى الزبير ومن بقي معه إلى المدينة، وأرسل علي عائشة إلى المدينة مع أخاها محمد بن أبي بكر، وبذلك انتهت الفتنة في هذه الجهة. ثم جمع علي جيوشه لقتال معاوية بن أبي سفيان والي بلاد الشام لامتناعه عن مبايعته ومطالبته بأخذ ثأر عثمان،[193] فوقعت بين الفريقين معركة صفين الشهيرة، وبعدها اتفق علي مع معاوية أن يعين كل منهما حكمًا من طرفه ليفصلا الخلاف، وتهادنا على ذلك وحررا به عهدًا بين أبي موسى الأشعري بالنيابة عن علي وعمرو بن العاص بالنيابة عن معاوية، واجتمع الحكمان لإيجاد حل للنزاع، فدار بينهما جدال طويل، واتفقا في النهاية على خلع معاوية وعلي وترك الأمر للمسلمين لاختيار الخليفة. خرج الحكمان للناس لإعلان النتيجة التي توصلا إليها، فأعلن أبي موسى الأشعري خلع علي ومعاوية، لكن عمرو بن العاص أعلن خلع علي وتثبيت معاوية.[190][195] بعد حادثة التحكيم عاد القتال من جديد واستطاع معاوية أن يحقق بعض الانتصارات وضم عمرو بن العاص مصر بالإضافة إلى الشام وقتل واليها محمد بن أبي بكر. ورغم أن علي لم يقم بأي فتوحات طوال فترة حكمه إلا أنها اتصفت بالكثير من المنجزات المدنية والحضارية منها تنظيم الشرطة وإنشاء مراكز متخصصة لخدمة العامة كدار المظالم ومربد الضوال وبناء السجون.[196][197] وأمر أبا الأسود الدؤلي بتشكيل حروف القرآن لأول مرة [198][199]


    مسجد الإمام علي بالنجف حيث دُفن علي بن أبي طالب حسب الرواية الشيعية.
    وبتاريخ 24 يناير سنة 661م، الموافق في 17 رمضان سنة 40هـ، كان علي يؤم المسلمين بصلاة الفجر في مسجد الكوفة، وأثناء الصلاة ضربه عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم على رأسه، وتقول بعض الروايات أن علي بن أبي طالب كان في الطريق إلى المسجد حين قتله بن ملجم،[200][201] فحُمل إلى بيته وجيء له بالأطباء الذين عجزوا عن معالجته فتوفي بعدها بثلاثة أيام، تحديدًا ليلة 21 رمضان سنة 40 هـ عن عمر يناهز 64 سنة حسب بعض الأقوال.[200] واختُلف في المحل الذي دُفن فيه.[

    العصر الأموي (661–750)

    وبعد قتل الإمام علي رابع الخلفاء الراشدين، بويع لابنه الحسن في العراق والحجاز وباقي البلاد الإسلامية ما عدا الشام ومصر.[203] فجمع معاوية جيشًا لمحاربته واستعد الحسن كذلك للقتال،[204] لكن ثارت الفتنة بين جنوده وانسحب كثير ممن كان حوله.[205] فلما رأى ذلك كتب إلى إلى معاوية أنه مستعد للتنازل إليه عن حقه في الخلافة بشرط أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة وخراج ولاية دارابجرد الفارسية وأن لا يسب عليًا ولا يجعل الخلافة وراثية في عائلته،[206] وأن تعود الخلافة إليه أو إلى أخيه الحسين بحال وفاة معاوية، وذلك وفق المصادر الشيعية.[207] وبعد ذلك تنازل الحسن لمعاوية وكتب إلى قيس بن سعد قائد جيوشه بأن يُبايع معاوية، فدخل الأخير الكوفة وصارت له الخلافة على جميع الأقاليم بدون مشارك أو منازع، فكان مؤسس السلالة الأموية.[208] اتخذ معاوية بعد ذلك من مدينة دمشق عاصمة له فأصبحت في عهده محور النشاط السياسي والاجتماعي للدولة الإسلامية. أما الحسن بن علي فقد عاد إلى المدينة المنورة وأقام بها إلى أن توفي حوالي السادس من مارس سنة 670م، الموافق في 7[209] أو 28 صفر سنة 50هـ[210] ودُفن في البقيع، وقال البعض أنه مات مسمومًا بينما قال آخرون أنه توفي بالقرحة.[معلومة 6] وأهم ما حصل في أيام معاوية حصار مدينة القسطنطينية لأول مرة من قبل المسلمين،[211] وتأسيس عقبة بن نافع مدينة القيروان بتونس،[212] ودخول سعد بن عثمان بن عفّان مدينة سمرقند.[213] وفي سنة 56هـ بايع معاوية الناس لابنه يزيد بولاية العهد، فامتنع الحسين بن علي بن أبي طالب وتبعه بعضهم. ولمّا بويع ليزيد بعد موت أبيه أصرّ الحسين على امتناعه وسار من المدينة المنورة إلى الكوفة لمحاربة يزيد، فالتقى بجنوده في الموضع المعروف بكربلاء، وعند وصول جيش الأمويين تخلّى أهل الكوفة عن نجدة الحسين ولم يبق معه إلا أهله وأصحابه. حاول قائد الأمويين إقناع الحسين بمبايعة يزيد والعدول عن القتال والعودة إلى الحجاز إلا أنه رفض. وجرت المعركة بتاريخ 10 محرم سنة 61هـ، الموافق في 12 أكتوبر سنة 680م،[214][215] وانتهت بمقتل الحسين وأهل بيته،[216] فكان لهذا صدىً مؤلم في جميع أنحاء العالم الإسلامي.


    مسجد عقبة بن نافع، أحد أبرز المعالم الإسلامية الأموية.[217]
    توالى على منصب الخلافة بعد مقتل الإمام الحسين إثنا عشر خليفة واستمرت الخلافة الأموية نحوًا من تسعين سنة وانتشر الإسلام في ظلها انتشارًا عظيمًا، ففي سنة 705م افتتحت بلاد المغرب على يد موسى بن نصير من قبل الخليفة الوليد بن عبد الملك،[218] ثم أرسل موسى قائد جيشه طارق بن زياد في حملة عسكرية إلى لفتح الأندلس، فاستطاع الأخير الوصول إلى شبه الجزيرة الأيبيرية سنة 711م وقاتل القوطيين وراح يفتح القلاع والمدن الواحدة تلو الأخرى حتى سقطت كامل شبه الجزيرة بأيدي المسلمين عدا الجبال الشمالية الغربية منها. ثم توغل المسلمون في أوروبا حتى أوقفهم شارل مارتل في تور بفرنسا عام 732م وذلك في معركة دامية أنقذت أوروبا أمام اندفاع الفاتحين المسلمين. هذا في الغرب، أما في الشرق فكانت ألوية الدولة الأموية ترفرف في السند وكاشغر وطشقند، وفي الشمال ثبّت المسلمون أقدامهم في أرمينيا وسفوح جبال القوقاز الجنوبية، أما في الجنوب فكان المحيط الهندي حائلاً طبيعيًا منع المسلمون من تجاوزه.[219]
    انهمك بعض الخلفاء الأمويين في ملذاتهم، وانصرفوا عن شؤون الدولة إلى نزاعهم مع بعض أفراد البيت الأموي. وصادف ذلك إعلان الثورة العبّاسية التي تدعو لبني العبّاس، فكان ضعف الخلفاء وانشغالهم في أمورهم الخاصة ونقمة الناس عليهم أسبابًا أدت إلى نجاح الثورة العبّاسية وانتشارها بين الرعيّة وبشكل خاص الفرس الذين أبعدهم الأمويين عن مناصب الدولة.[220]

    العصر العبّاسي (750–1258؛ 1261–1517)

    اندلعت الثورة العبّاسية في مقاطعة خراسان بقيادة أبي مسلم الخراساني عام 747م. سقط ذلك الإقليم بيد الثوّار ثم سقطت مدينة الكوفة في العراق سنة 749م، وفي أواخر السنة نفسها بويع أبو العباس السفاح بالخلافة في مسجد الكوفة. قام مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين بمحاولة للتصدي للثورة العبّاسية، فالتقى بقواتهم على ضفة نهر الزاب،[221] وهو فرع من نهر دجلة، فانهزم أمام القوات الثائرة وتمكن العبّاسيون من احتلال دمشق وأقاموا دولتهم على أنقاض الدولة الأموية. قضى أبو العبّاس معظم عهده في محاربة قوّاد العرب الذين ناصروا بني أمية حتى أبادهم عن بكرة أبيهم ولم يفلت منهم إلا عبد الرحمن الداخل الذي استولى على الأندلس وأسس فيها الدولة الأموية، فكانت بذلك أقدم الأقاليم عهدًا بالانفصال عن الخلافة العبّاسية.[222] وبعد أبو العباس السفاح، تولى أخوه أبو جعفر المنصور خلافة المسلمين،[223][224] ويُعد الأخير المؤسس الحقيقي للدولة العبّاسية، حيث استطاع بحزمه وكيده أن يتغلب على الأحداث الخطيرة التي حدثت في عهده ومنها خلع عيسى بن موسى بن محمد العباسي من ولاية العهد وأخذ البيعة للمهدي بن المنصور. وقد ذهب بعض المؤرخين إلى أن المنصور كان أعظم الخلفاء العباسيين شدة وبأسًا وحزمًا وإصلاحًا،[225] وقد انحدر منه جميع الخلفاء الذين ارتقوا الخلافة العباسية بعده، وعددهم خمسة وثلاثون.[226]
    وشهدت الخلافة العباسية عصرها الذهبي في المدة التي بدأت بولاية الخليفة الثالث، أبو عبد الله محمد المهدي، وانتهت في زمن الخليفة التاسع، أبو جعفر هارون الواثق بالله. وبلغ العصر الذهبي أوج عزّه ومجده أيام هارون الرشيد وأبو العباس عبد الله المأمون، ويعد المؤرخون عهدهما أزهى عصور التاريخ العربي الإسلامي على الإطلاق. ففي هذا العهد ازدهرت عاصمة الخلافة بغداد وأصبحت حاضرة العلوم والفنون،[227] واكتمل تدوين كتب الصحاح الستة وتأسست المذاهب الفقهية الكبرى.[228] وظهر عدد من الفلاسفة والأطباء وعلماء الرياضيات والكيمياء الذين كان لأبحاثهم تأثير كبير على تقدم البشرية في العصور اللاحقة، ومن هؤلاء إبن سينا الذي برع في مجال الطب والفلسفة والفيزياء وغيرها من العلوم، وأقدم على ترجمة الكثير من كتب اليونان إلى جانب أبو نصر محمد الفارابي، وتشذيب مبادئها الفلسفية بحيث لا تتعارض والشريعة الإسلامية.[229] كذلك ظهرت الطريقة الصوفيّة في هذه الفترة واتبعها عدد من الناس، وانشقت الشيعة إلى طائفتين بسبب الاختلاف على تسمية الإمام بعد وفاة جعفر الصادق.[230] ونظرًا للانتشار الواسع والسريع للإسلام في ذلك العهد واعتناق دول مسيحية سابقة بأغلبها لهذا الدين، قام بعض الكهنة والرهبان في أوروبا بتصوير الإسلام على أنه دين معاد للمسيح وأن أتباعه رجال شهوانيين دون البشر،[231] إلا أن الكنيسة الكاثوليكية لم تصدر أي بيان بشأن هذا الموضوع حتى تاريخ انعقاد المجمع الڤاتيكياني الثاني، وقد جاء بيانها عندئذ إيجابيًا ويصور المسلمين على أنهم، كما المسيحيين، يدعون للخير وعبادة ذات الإله الذي يعبده المسيحيون.[232]


    باحة جامعة القيروان، إحدى أقدم الجامعات المستمرة بمنح الشهادات العلمية في العالم.
    وخلال هذا العهد بُني أيضًا بيت الحكمة الذي ضم خزانة كتب ودار علم وترجمة، وأنشأت البيمارستانان، فكانت طليعة المستشفيات الحديثة في العالم،[233] حيث كانت تمنح شهادات في الطب للطلبة ولا تسمح لسواهم بمداواة الناس،[234][235] وتأسست الجامعات في طول البلاد وعرضها، وما زالت إحداها، وهي جامعة القيروان، مستمرة في منح الشهادات للطلاّب،[236] وأُدخل المنهج الاختباري التجريبي لتفرقة الصحيح من الباطل من النظريات العلمية،[237][238] وأبرز من طبّق هذا المنهج أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم، المعروف بكونه "أول عالم حقيقي في التاريخ".[239] كذلك يُعتقد أن مبدأ الاستشهاد بالمراجع أوّل ما طبق في هذا العصر.[237][240]

    التفكك وزوال هيبة الخلافة

    أخذت الدولة العبّاسية تتفكك إلى عدد من الدويلات والإمارات منذ نهاية القرن التاسع، ويمكن إيعاز تفكك الدولة إلى عدّة أسباب منها: بروز حركات شعوبية ودينية مختلفة في هذا العصر، وقد أدّت النزعة الشعوبية إلى تفضيل الشعوب غير العربية على العرب، حيث قيل أن هذه الشعوب تتفوق على العرب في الحضارة وفي الأدب والشعر. وقام جدل طويل بين طرفيّ النزاع، وانتصر لكل فريق أبناؤه من الشعراء والمؤلفين ورجال السياسة. وهذا الانشقاق بين رعايا الدولة أدى إلى نجاح أول حركة فارسيّة انفصالية عن الدولة العبّاسية، على يد قائد المأمون: طاهر بن الحسين الذي أنشأ الدولة الطاهرية في خراسان سنة 819، وتوارث حكمها بنوه من بعده. وقبل ذلك التاريخ كان الأمير العلوي إدريس بن عبد الله، وهو من أحفاد الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، قد أسس دولة الأدارسة في المغرب وعاصمتها مدينة فاس،[241] فكانت أول دولة شيعية قوية في التاريخ.[242] كذلك كان الأمير إبراهيم بن الأغلب الذي ولاّه هارون الرشيد على تونس قد استقل بها سابقًا وأسس دولة الأغالبة وعاصمتها القيروان؛ وشنّ عدّة حملات على إيطاليا وفرنسا وكورسيكا ومالطة.[243]


    جانب من مسجد ابن طولون بالقاهرة، أحد أبرز المعالم الطولونية الإسلامية.
    وإلى جانب الشعوبية السياسية، تكوّنت فرق دينية متعددة عارضت الحكم العبّاسي. وكان محور الخلاف بين هذه الفرق وبين الحكام العبّاسيين هو "الخلافة" أو إمامة المسلمين. ومن هذه الفرق: الخوارج والشيعة والقرامطة والحشاشون، وكان لكل جماعة منهم مبادئها الخاصة ونظامها الخاص وشعاراتها وطريقتها في الدعوة إلى هذه المبادئ الهادفة لتحقيق أهدافها في إقامة الحكم الذي تريد. وجعلت هذه الفرق الناس طوائف وأحزابًا، وأصبحت المجتمعات العباسيّة ميادين تتصارع فيها الآراء وتتناقض، فوسّع ذلك من الخلاف السياسي بين مواطني الدولة العبّاسية وساعد على تصدّع الوحدة العقائدية التي هي أساس الوحدة السياسية.[244] ومن العوامل الداخلية التي شجعت على انتشار الحركات الانفصالية، إتساع رقعة الدولة العبّاسية، ذلك أن بعد العاصمة والمسافة بين أجزاء الدولة وصعوبة المواصلات في ذلك الزمن، جعلا الولاة في البلاد النائية يتجاوزون سلطاتهم ويستقلون بشؤون ولاياتهم دون أن يخشوا الجيوش القادمة من عاصمة الخلافة لإخماد حركتهم الانفصالية والتي لم تكن تصل إلا بعد فوات الأوان، وكانت معظم هذه الحركات الانفصالية فارسية في بداية الأمر، ومن الدويلات الفارسية التي ظهرت: الدولة الزيادية في اليمن، الدولة الصفارية في خراسان، الدولة الزيدية في الكوفة ثم طبرستان، الدولة السامانية في بلاد ما وراء النهر، والدولة الساجية في أرمينيا وأذربيجان.[245]


    المسجد الأزهر، أبرز معالم الخلافة الفاطمية الباقية.
    وشهد التاريخ العبّاسي، منذ عهد المتوكل، عصر الاستبداد العسكري التركي الذي دام مائة سنة، وفيه اشتدت حركة الانفصال عن الدولة العبّاسية، فانفرد الطولونيون بمصر، الذين ينسبون إلى الأمير أحمد بن طولون ابن أحد الأتراك الذي ولاه المأمون على مصر،[246] انفردوا بحكمها من سنة 868 حتى سنة 905م.[247] وفي سنة 909م أسس سعيد بن حسين، الذي ادعى أنه حفيد الإمام جعفر الصادق، أسس الخلافة الفاطمية في تونس بعد أن نشر أحد الدعاة واسمه أبو عبد الله الحسين، المذهب الإسماعيلي بين السكان من الأمازيغ والعرب. وفي سنة 932م قُتل الخليفة أبو الفضل جعفر المقتدر بالله، فعمّت الفوضى بالدولة العبّاسية وطغت عليها موجة فتن وجراح لم تلتئم لمدة طويلة، وظهرت دويلات جديدة مثل: دولة بني بويه الفارسية التي سيطرت على بلاد فارس والعراق واعتبر قيامها انتصارًا للعنصر الفارسي على التركي، والدولة الغزنوية التي تُنسب إلى ألب تكين التركي؛ والتي توسعت وسيطرت على الهند وعاد العنصر التركي فيها لينتصر على العنصر الفارسي في زعامة العالم الإسلامي.[248] وبعد ثلاثين سنة من زوال الحكم الطولوني في مصر، استفرد بها الإخشيديين الذين يُنسبون لأبو بكر محمد بن طغج بن جف من أولاد ملوك فرغانة، الملقب بالأخشيد، وفي عهدهم انتزع سيف الدولة الحمداني مدينة حلب وأنشأ فيها دولة سنة 945م، وضم إليها سوريا الشمالية.[249] ظل الحكم الإخشيدي قائمًا في مصر إلى أن استولى عليها الفاطميّون سنة 969م، ومن أبرز أعمال هؤلاء بناء مدينة القاهرة والمسجد الأزهر بهدف نشر الدعوة الإسماعيلية.[250]


    رسم فرنسي من القرن الخامس عشر يُصور معركة ملاذكرد بين السلاجقة والروم، وقد صوّرت فيه الجنود، خطًأ، مرتدية دروعًا أوروبية غربية.
    ولم يلبث أن ظهر عنصر جديد من الأتراك هم الأتراك السلاجقة الذين يُنسبون إلى سلجوق بن دقاق، وقد استطاع هؤلاء أن يتفوقوا عسكريًا على الجيوش العبّاسية، لكنهم استمروا باحترام منصب الخليفة وسلطته الزمنية.[251] حارب السلاجقة قبائل الترك الوثنية ونشروا فيها الدين الإسلامي، وقد استعان الخليفة بهم في بغداد عام 1055 للقضاء على ثورة الفاطميين الذين استولوا على العاصمة وعدّة مدن عراقية، وبذلك أصبحوا يديرون السلطة في الدولة العبّاسية. بعد هذا النصر على الفاطميين تطلع طغرل بك، حفيد سلجوق، إلى الإمبراطورية البيزنطية ورغب في ممتلكاتها، لكنه لم يتمكن من فتح شيء من الأقاليم التابعة لها، لكن خليفته ألب أرسلان استطاع بمساعدة وزيره نظام الملك من تنظيم أمور الدولة والانتصار على الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديوجينوس الرابع في معركة ملاذكرد عام 1071م.[252] وبهذه المعركة انفتحت الطريق أمام السلاجقة للدخول إلى آسيا الصغرى حيث أسسوا دولتهم وعرفوا بسلاجقة الروم.[253]


    الصليبيون يدخلون القدس يوم 15 يوليو سنة 1099
    1. كنيسة القيامة
    2. قبة الصخرة
    3. الأسوار
    وفي الفترة الممتدة بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر، شنّت الممالك الأوروبية المسيحية الكاثوليكية سلسلة حروب على الشرق الإسلامي لاستعادة الأراضي المقدسة، وخاصة مدينة القدس، من أيدي المسلمين، فعُرفت هذه الحروب بالحروب الصليبية. ومن أسباب الحروب الصليبية الأخرى أيضًا: النداءات التي وجهها البيزنطيون إلى أوروبا بعد هزيمتهم على يد السلاجقة وفقدانهم آسيا الصغرى لصالحهم، للمساعدة على الوقوف في وجه التوسع الإسلامي، وكذلك ما لقاه الحجاج المسيحيون من اضطهاد عند تفكك الدولة العبّاسية، ولهدم كنيسة القيامة أيام الفاطميين بأمر من الخليفة الحاكم بأمر الله.[254] أما الدافع المباشر للحروب الصليبية فكان الموعظة التي ألقاها البابا أوربانوس الثاني في مجمع كلرمونت سنة 1095م، وحث فيها العالم المسيحي على الحرب لتخليص القبر المقدس من أيدي المسلمين. كذلك كان هناك دوافع أخرى مثل تأسيس الممالك والإمارات وتوسيع نطاق التجارة في الشرق وحب المغامرة والأسفار. وبناءً على ذلك انطلقت الحملة الصليبية الأولى واستولت على المناطق الساحلية الشاميّة ووصلت القدس في 15 يوليو سنة 1099.[254] أسس الصليبيون بعد فتح القدس "المملكة اللاتينية" التي بلغت أوج قوتها في الثلث الأول من القرن الثاني عشر، ولكنها لم تلبث أن أخذت تتضعضع وتنهار، فتمكن منها المسلمون حيث استطاع نور الدين زنكي، رئيس دولة الأتابكة، استرجاع إمارة الرها سنة 1144 وأقسامًا من إمارتي أنطاكية وطرابلس. وفي سنة 1175 أسس صلاح الدين الأيوبي الدولة الأيوبية التي وحدت مصر وبلاد الشام والحجاز، بعد أن خلع آخر الخلفاء الفاطميين،[255] وشن سلسلة من المعارك على الصليبين كان أبرزها معركة حطين سنة 1187 التي انتصر فيها المسلمون نصرًا كبيرًا، واستعادوا القدس وأغلب المدن الشاميّة.[256] وبعد وفاة صلاح الدين دب الضعف والارتباك في جسم الدولة الأيوبية وزالت نهائيًا في سنة 1250.


    آخر خلفاء بني العبّاس في بغداد، المستعصم بالله، يأسره هولاكو خان المغولي.
    وبعد سقوط الدولة الأيوبية، قامت على أنقاضها السلطنة المملوكية في مصر بعد ثورة قام بها المماليك سنة 1250،[257] وكانت جحافل المغول الزاحفة من أواسط آسيا قد وصلت أبواب بغداد، فخرج الخليفة العباسي، المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله، لملاقاة زعيمها هولاكو خان، فطلب منه الأخير أن يأمر أهل بغداد بوضع سلاحهم والخروج من المدينة. بعدها أعمل المغول السيف في رقاب أهل بغداد أربعين يومًا وسلبوا الأموال وأهلكوا الكثيرين وقتلوا الخليفة وابنيه وأخواته.[258] ثم توجه المغول غربًا واستولوا على أهم المدن السورية مثل دمشق وحلب، قبل أن يتحولوا جنوبًا قاصدين مصر، فتصدى لهم جيش المماليك بقياة الظاهر بيبرس وسيف الدين قطز، وانتصر عليهم في معركة عين جالوت قرب مدينة الناصرة في سنة 1260 وأراح الشام من شرهم إلى حين. بعد انتصاره على المغول هاجم بيبرس الصليبين فصارت قلاعهم ومدنهم تسقط واحدة تلو الأخرى، واستمر المماليك يلحقون الهزائم بالصليبيين حتى استولى السلطان الأشرف صلاح الدين خليل على مرفأهم الرئيسي، أي مدينة عكا، فجلوا عن المدن الأخرى وركبوا البحر عائدين لبلادهم.[259] وفي عهد المماليك أعتنق كثيرًا من خاقانات المغول الإسلام دينًا ونشروه في الأقاليم الخاضعة لهم في آسيا الوسطى وشبه القارة الهندية وأوروبا الشرقية وشبه جزيرة القرم.[260] ونقل العبّاسيون مقر الخلافة إلى مدينة القاهرة. توالى على حكم المماليك في مصر، منذ منتصف القرن الخامس عشر سلاطين ضعاف، باستثناء بعض الشخصيات القوية مثل السلطان قايتباي والسلطان قانصوه الغوري الذي أراد النهوض بدولته لكنه لم يستطع، بعد أن كانت جموع العثمانيين قد زحفت على سوريا وهددت مصر نفسها بالسقوط.

    العصر العثماني (1517-1923)

    ينتسب العثمانيون إلى أرطغرل، زعيم عشيرة قايي التركية المغولية، الذي عمل في خدمة علاء الدين السلجوقي سلطان قونية. وبعد وفاته تولّى زعامة قومه ابنه عثمان، فأخلص الولاء للدولة السلجوقية على الرغم مما كانت تتخبط فيه من مشاكل، وحين تغلب المغول على دولة قونية السلجوقية، سارع عثمان لإعلان استقلاله عن السلاجقة، فكان المؤسس الحقيقي لهذه الدولة التركية الكبرى التي نُسبت إليه فيما بعد. قام عثمان وخلفاءه فيما بعد بفتح عدد من الإمارات والبلدان المجاورة التي لم يسبق لها أن دخلت في الإسلام، مثل اليونان ومقدونيا وألبانيا وبلغاريا، وفي سنة 1453 استطاع سابع سلاطين آل عثمان، محمد الثاني، أن يفتح مدينة القسطنطينية ويقضي على الإمبراطورية البيزنطية،[134] فابتهج المسلمون حول العالم ابتهاجًا عظيمًا، اعتقادًا منهم أن النبؤة التي كان النبي محمد قال بها قد تحققت: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش".[261] ويعود انتصار العثمانيين على البيزنطيين إلى استخدامهم سلاح المدفعية والتدريب العالي والكفاءة الكبيرة التي تمتع بها الجنود.[262] وفي هذا العصر برزت عدّة دول إسلامية شرق الأناضول والشام، كالدولة التيمورية والدولة الصفوية، والأخيرة تأسست على يد الشاه إسماعيل الأول بن حيدر الصفوي، في إيران وأذربيجان وشرق العراق، وكان إسماعيل قد فرض التشيّع على أهل البلاد الخاضعة له وجعل الشيعة المقيمين في آسيا الصغرى يثورون على الدولة العثمانية،[263] فأخضع السلطان سليم الأول، حفيد محمد الثاني، هذه الثورة، وذلك بأن جمع الشيعة المقيمين على حدود إيران والعراق، وفتك بهم جميعًا، ويُقال أن عددهم وصل إلى أربعين ألفًا.[264] وبعد إخضاعه للثورة الشيعية، قاتل سليم الصفويين وانتصر عليهم في معركة چالديران. وبعد هذه المعركة حوّل سليم أنظاره نحو السلطنة المملوكية، بعد أن كان المماليك قد عقدوا معاهدة سرية مع الصفويين خوفًا من سياسة سليم التوسعية والتي كان يهدف من ورائها على ما يظهر في توحيد جميع البلدان السنيّة تحت تاجه.[265]


    السلطان سليم الأول، أول من حمل لقب "أمير المؤمنين" من آل عثمان.
    وفي سنة 1516 توجه السلطان سليم على رأس جيوشه إلى سوريا وهزم المماليك في معركة مرج دابق، فسقطت بلاد الشام بيده، ثم تابع سيره حتى وصل مصر وقاتل المماليك قتالاً شديدًا في معركة الريدانية وتغلّب عليهم فسقطت مصر بيده في 13 أبريل سنة 1517،[132] واستصحب معه أثناء عودته إلى القسطنطينية آخر الخلفاء العباسيين، محمد المتوكل على الله، حيث تنازل له عن الخلافة، فأصبح بنو عثمان بذلك خلفاء المسلمين منذ ذلك التاريخ.[135] وبعد وفاة السلطان سليم الأول ارتقى عرش الدولة ابنه سليمان، وفي عهده تقدمت الفتوحات تقدمًا عظيمًا، فاستولى العثمانيون على أقاليم وإمارات كثيرة من أوروبا الشرقية وفتحوا مدينة بلگراد،[266] وحاصروا مدينة ڤيينا مرتين لكنهم لم يستطيعوا اقتحامها.[267] وبعد انقضاء عهد السلطان سليمان، أصيبت الدولة بالضعف والتفسخ، ولم تنهض مجددًا إلا في عهد السلطان محمد الرابع والمصلح الكبير محمد كوبرولي، ففي تلك الفترة هاجم العثمانيون أوكرانيا واستولوا عليها، ثم حاصروا ڤيينا للمرة الأخيرة بتاريخ 17 يوليو سنة 1683 ولكنهم صُدوا عنها. ومنذ ذلك الحين توالت الهزائم على العثمانيين ففقدوا معظم ممتلكاتهم في أوروبا.[268]
    وفي القرن الثامن عشر، ظهرت الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية على يد محمد بن عبد الوهاب، ودعت إلى تطهير الدين الإسلامي من الشوائب التي علقت فيه طيلة القرون الماضية والعودة إلى الإسلام الأساسي دون غيره،[269] فحارب العثمانيون هذه الحركة وتمكنوا من القضاء على ثورة أتباعها، لكنهم لم يطفؤها تمامًا، إذ انبثقت منها في القرن التاسع عشر الدعوة السلفية، والدیوبندية، والبريلوية. وفي ذات القرن زالت إمبراطورية مغول الهند الإسلامية تمامًا بعد أن قضى عليها البريطانيون،[270] واشتدت النزعة القومية في دول البلقان مما أدى لاستقلال العديد منها عن الدولة العثمانية، كذلك ازدادت نسبة المهاجرين من المسلمين الهنود والإندونيسيين إلى دول الكاريبي مما ولّد أكبر مجتمع إسلامي ف
    avatar
    meriem s


    الابراج : السرطان عدد المساهمات : 5
    نقاط : 77167
    تاريخ التسجيل : 26/10/2010
    العمر : 29

    موضوع شامل عن الإسلام  Empty رد: موضوع شامل عن الإسلام

    مُساهمة من طرف meriem s الجمعة أكتوبر 29, 2010 8:14 pm

    merci 3la hed elmawdou3 vraiment inpicable ❤
    Meriem.M
    Meriem.M


    موضوع شامل عن الإسلام  283436858



    الابراج : السمك عدد المساهمات : 832
    نقاط : 81657
    تاريخ التسجيل : 08/09/2010
    العمر : 29
    الموقع : الجزائر

    موضوع شامل عن الإسلام  Empty رد: موضوع شامل عن الإسلام

    مُساهمة من طرف Meriem.M السبت أكتوبر 30, 2010 11:29 am

    شكرا جزيلا على المرور أتمنى أن تلقى مواضيعي إعجابا متواصلا من أعضائنا الكرام
    Kamel.L
    Kamel.L


    موضوع شامل عن الإسلام  1LC14227


    الابراج : الاسد عدد المساهمات : 81
    نقاط : 76375
    تاريخ التسجيل : 07/01/2011
    العمر : 40
    الموقع : Tébéssa

    موضوع شامل عن الإسلام  Empty رد: موضوع شامل عن الإسلام

    مُساهمة من طرف Kamel.L السبت يناير 08, 2011 1:57 am

    مشكوووورة على الموضوع
    لكن هذه الكلمات تعد نقطة من بحر
    فالاسلام لا تسعه مكتبات الدنيا بما فيها ........
    على العموم موضوع رائع جزاك الله كل خير
    Meriem.M
    Meriem.M


    موضوع شامل عن الإسلام  283436858



    الابراج : السمك عدد المساهمات : 832
    نقاط : 81657
    تاريخ التسجيل : 08/09/2010
    العمر : 29
    الموقع : الجزائر

    موضوع شامل عن الإسلام  Empty رد: موضوع شامل عن الإسلام

    مُساهمة من طرف Meriem.M السبت يناير 08, 2011 12:38 pm

    بالطبع هذه مجرد كلمات لاتحصر أي شئ

    شكرا لك على المرور بالموضوع

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 11:22 am